للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (خرج عن ملك الواقف يجب أنْ يكون قولهما … ) إلى آخره (١).

فإنْ قلت: ذكر قبل هذا: لا يزول ملك الواقف إلّا أنْ يحكم به الحاكم، وهذا الاستثناء إنّما يحتاج إليه على قول أبي حنيفة في حقّ زوال الملك عن ملك الواقف مع أنّه صرَّح بأنّه قول أبي حنيفة -رحمه الله- في أوّل الكتاب. وأمّا على قولهما فيزول ملك الواقف بدون حكم الحاكم على ما ذكر، ثم هاهنا كيف يصحّ دعوى التّخصيص بقوله:

(يجب أن يكون خروج الوقف عن ملك الواقف قولهما).

قلت: الّذي ذكرته في اللُّزوم، وما ذكره في الكتاب بقوله (وإذا صح الوقف على اختلافهم) في الصحّة (٢) غير اللزوم، فلا يلزم من وجود/ الصّحّة وجود اللُّزوم كالعقود الصَّحيحة غير اللّازمة ِمن العارية والمضارَبة والشّركة، فإنّها صحيحة غير لازم، ة فكان القول بخروج الوقف عن ملك الواقف إذا صحّ الوقف قولهما لا قول أبي حنيفة -رحمه الله- إلا إذا حكم به الحاكم، حينئذ كان خروج الوقف عن ملك الواقف قول الكلّ (٣).

[[وقف المشاع]]

" (لأنّ القسمة من تمام القبض) فإنَّ القبض للحيازة، وتمام الحيازة فيما يقسم بالقسمة" (٤)؛ كذا في المبسوط.

(والقبض عنده ليس بشرط فكذا تَتِمتُه (٥) وهي القسمة. وأمّا فيما لايحتمِل القسمة فيجوز مَع الشيوع. ألا ترى أنّه لو وقف نصف الحمام يجوز، وإنْ كان مشاعًا؛ لأنَّه لا يحتمِل القسمة فصار كهبة المشاع فيما لا يحتمِل القسمة، ثم الاختلاف بينهما في أنّ الشيوع فيما يحتمِل القسمة هل هو مانع لصحّة الوق، أمْ بناء (٦) على أن القسمة فيما يحتمل القسمة من تمام القبض بالاتفاق؟ لكن أصل القبض فيما يحتمل القسمة ليس بشرط عند أبي يوسف فكذا إتمامه (٧) لا يكون شرطًا، وعند محمد أصل القبض فيما يحتمل القسمة شرط (٨)، فكذا ما يتِم به القبض. ولو وقف جميع أرضه أو داره ثم استحقّ نصفه أو ربعه أو ما أشبهه شائعًا بطل الوقف فيما بقي عند محمدلأنّ بالاستحقاق تبيَّن أنّ ما وقفه الواقف كان مشاعًا، ووقف المشاع فيما يحتمِل القسمة باطل عنده، وهذا بخلاف ما إذا (٩) استحقّ شيء منه بعينه حيث لا يبطُل الوقف في الباقيلأنّ هناك لا يتبين الشُّيوع في الباقيلأنّ المستحق مميَّز فيما بقي فهو بمنزلة ما لو وقف دارَينِ فاستحقّ أحديهما، ومشايخ بلخ (١٠) أخذوا بقول أبي يوسف في وقف المشاع، ومشايخ بخارى (١١) أخذوا بقول محمد (١٢)؛ كذا في الذخيرة.


(١) تمام كلامه: "على الوجه الذي سبق تقريره". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ١٦).
(٢) في (ب) "والصحة" بعد قوله "الصحة".
(٣) ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٢١٠).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٢/ ٣٧).
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (١٢/ ٣٧).
(٦) في (ب) "أم لا بناء".
(٧) في (ب) "تمامه".
(٨) ينظر المبسوط للسرخسي (١٢/ ٣٧).
(٩) في (ب) "ما لو".
(١٠) بلخ: من أجلّ مدن خراسان، وأَذكَرها، وأكثرها خيرًا، وأوسعها غلّة، تحمل غلّتها إلى جميع خراسان وإلى خوارزم. معجم البلدان (١/ ٤٧٩).
(١١) بُخَارى: بالضم، من أعظم مُدُن ما وراء النّهر وأجلّها، ولا شك أنّها مدينة قديمة نزهة كثيرة البساتين واسعة الفواكه جيّدتها، قال ياقوت الحموي: عهدي بفواكهها تحمل إلى مرو. معجم البلدان (١/ ٣٥٣).
(١٢) ينظر المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ١١٢).