للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ما يبقى في الفم من الطعام]]

قولُه -رحمه الله-: والأصح ُّاحترازاً عن قولِ بعضهِم: إنهُ لا يفسدُ (١)، (ولنا أنَّ القليلَ تابِعٌ لأسنانهِ بمنزلةِ ريقهِ)؛ (لأنهُ لا يُستطاع) (٢). الامتناعُ عنه فإنّ مَنْ تسحَّرَ بالسَّويْقِ، فلابُدَّ مِن أنْ يبقى بينِ أسنانِهِ، ولهاتهِ شيءٌ فإذا أصبحَ يدخلُ ذلك في حَلْقِهِ مع ريقهِ، ثُمَّ ما يبقى بينَ الأسنانِ تَبَعٌ لريقهِ، فكَما أنهُ إذا ابتلعَ ريقَهُ لم يضرُّهُ فكذلك ما هو تَبَعٌ لهُ، وهذا إذا كانَ صغيراً يبقى بينَ الأسنانِ/ عادةً، وهو بخلافِ ما لو أدخلَ ذلكَ القدرَ في فمهِ؛ لأنَّ ذلك مما يُستطاعُ الامتناعُ منهُ، كذا في «المَبْسُوط» (٣).

[[مسألة مقدار القليل]]

(والفاصلُ مِقدارُ الحِمصَةِ) (٤) هذا مبتدأٌ وخبرٌ، وقليلُ خبرٍ لقولهِ: وما دونها، ومقدارُ الحِمصَةِ مُلْحَقٌ بالكثيرِ؛ لأنَّ قَدْرَ الحِمصةِ لا يبقى في فُرَجِ الأسنانِ ومناحاتهِا، وما دونها يبقى، ومِنَ المشايخِ (٥) مَنْ قاَلَ: إنْ كانَ ما بقيَ بينَ أسنانهِ بحيثُ يحتاجُ في ابتلاعهِ إلى الاستعانةِ بالريقِ فهو قليلٌ، وإنْ كانَ لا يحتاجُ إلى ذلكَ فهو كثيرٌ، وهذا بخلافِ ما إذا أخرجَهُ، ثُمَّ أُدخِلَ؛ لأنهُ يعدُّ ما أخرجهُ صارَ بحيثُ يسُتطاعُ الاحترازُ عنه، كذا في «الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة» (٦). فإنْ قِيلَ: ما الفرقُ بينَ هذا، وبين فَصْلِ النجاسةِ المغلظةِ؟ (٧) فإنَّ الفاصلَ بينَ القليلِ، والكثيرِ هنُاكَ، وهو قَدْرُ الدِّرهَمِ أُلحِقَ بالقليلِ، والفاصلُ بينَ القليلِ والكثيرِ هُنا، وهو قْدَرُ الحِمصَةِ أُلحِقَ بالكثيرِ، وكلُّ واحدٍ منهما في كونهِ فاصلاً بينِ القليلِ والكثيرِ سواءً قَلْتَ: لأنَّ قدرَ الدرِهمِ هناكَ أُخِذَ منِ قدرِ مَوضعِ الاستنجاءَ،] وذلك القدرُ في موضعِ الاستنجاء معفوٌ بالإجماعِ حتى لم يفترضْ الاستنجاءَ، واكتفى في إقامةِ سُنَّةِ الاستنجاءِ بالحجرِ أو المدرِ (٨)، وهو لا يقلعُ النجاسةَ أصلاً، فلذلك صارَ قدرُ الدِّرهَم في غيرِ موضعِ الاستنجاءِ عفواً بالقياسِ عليه، أمّا هاهنا، فلما ذَكَرَ أنَّ قدَر الحِمصِة لا يبقَى في فُرجِ الأسنانِ غالباً، فلا يمكنُ إلحاقُهُ بالريقِ فلذلك أُلحِقَ بالكثيرِ (أنَّ الصائَم إذا ابتلعَ سمسمةً بينَ أسنانهِ لا يفَسدُ صومُهُ) (٩) (١٠)؛ لأنهُ قليلٌ فجُعِلَ بمنزلةِ الريقِ، وإنْ ابتلعَها منَ الخارجِ يفسدُ صومُهُ، وتكلموا في وُجوبِ الكفارةِ والمختارُ: أَنهُ يجبُ إن ابتلعها، ولم يمضغْها؛ لأنها منِ جنسِ ما يتعدَّى بهِ، كذا في فتاوى الولوالجي -رحمه الله- (١١).


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للرخسي (٣/ ١٦٨).
(٢) في (أ) (لأنه يستطاع وفي (ب) (لأنه لايستطاع) وقد أثبت مافي (ب) لموافقته سياق الكلام.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١٦٩).
(٤) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٣).
(٥) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٣)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٩٠).
(٦) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٣٣).
(٧) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٨٦)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ١٥).
(٨) سقطت في (ب).
(٩) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٣).
(١٠) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني (٢/ ٦٤٢).
(١١) يُنْظَر: الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ٢٠٣).