للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[صحة التقدم إلى أحد الورثة]]

(وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إِلَى أَحَدِ الوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ (١) يعني: لو كان الحائط موروثاً بين ورثة فتقدم إلى واحد منهم كان التقدم إليه في نصيبه يصح حتى لو هلك بسقوطه شيء يضمن [ذلك] (٢) الواحد بقدر نصيبه فيه وهذا الذي ذكره جواب الاستحسان.

وأمَّا جواب القياس: فهو أن [لا] (٣) يضمن واحد من الورثة، أمَّا الذي تقدم إليه فلعدم تمكنه من النقض، ولم يفد التقدم فائدته في حقِّه، فإنَّ واحدًا منهم كما لا يتمكَّن من بنائه لا يتمكن من نقضه [أيضا] (٤).

وأمَّا غيره من الورثة الباقين: فلعدم التقدم إليهم فلم يكن واحد منهم متعديًّا في ترك التفريغ.

وأمَّا جواب الاستحسان: فإنَّه يضمن هذا الشيء أشهد عليه بحصته فيما أصابه؛ لأنَّه كان متمكنًا من أن يطلب شركاءه ليجتمعوا على هدمه، وهذا لأنَّ الإشهاد على جماعتهم يتعذر عادة فلو لم يصح الإشهاد على بعضهم (٥) في نصيبه أدَّى إلى الضَّرر، والضَّرر مدفوع كذا في «المبسوط» (٦).

(وَلَو سَقَطَ الحَائِطُ [المَائِلِ] (٧) عَلَى إِنْسَانٍ بَعْدَ الإِشْهَادِ فَقَتَلَهُ فَتَعَثَّرَ بِالقَتِيلِ غَيْرُهُ لا يَضْمَنُهُ (٨) أي: لا يضمن صاحب الحائط القتيلَ الثاني؛ (لأَنَّ التَّفْرِيغَ عَنْهُ) أي: تفريغ الطَّريق عن الميت لرفعه (إِلَى الأَولِيَاءِ (٩) أي: مفوَّض إلى أولياء القتيل؛ لأنَّهم هم الذين يتولون دفن ميتهم.

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين إشراع الجناح والمسألة كالحق (١٠) أعني: أنَّ صاحب الدَّار إذا أخرج الجناح إلى الطَّريق فوقع الجناح على الطَّريق فعثر إنسان بنقضه ومات، أو وقع على إنسان ومات ثم تعثَّر رجل بالقتيل ومات أيضاً فدية (١١) القتيلين جميعًا على صاحب الجناح وههنا دية القتيل الثاني ليست على صاحب الحائط المائل وإن كان الهلاك بعد الإشهاد (١٢).

قلت: الفرق بينهما هو أنَّ إشراع الجناح نفسه (١٣) جناية؛ لأنَّه يشغل به هواء طريق المسلمين ولو شغل شيئاً من طريق المسلمين بشيء وَضَعه فيه كان جانياً بنفس الوضع وهنا كذلك، وإذا كان نفس إشراع الجناح جناية فنقول: الإشراع فعله فصار كأنَّه ألقاه بيده عليه فصار حصول القتيل في الطَّريق مضافاً إلى فعله كحصول نقض الجناح في الطَّريق ومن ألقى شيئاً في الطَّريق كان ضامنًا لما عطب به، وإن لم يملك تفريغَ الطَّريق عنه (١٤) فههنا كذلك.


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٧).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) زيادة في (ب).
(٤) زيادة في (ب).
(٥) وفي (ب) (نقضهم).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ١٠).
(٧) سقط في (ب).
(٨) بداية المبتدي (٢٥٠).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٧).
(١٠) وفي (ب) (مجالها)، ولعلها الصواب والله أعلم.
(١١) وفي (ب) (ورثه).
(١٢) يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٠٤)، الفتاوى الهندية (٦/ ٣٦).
(١٣) وفي (ب) (بنفسه).
(١٤) وفي (ب) (منه).