للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ -رحمه الله- الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، (١) أَيْ: فِي الْمَنْعِ عَنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ، فَكَانَ الْخِلَافُ فِي هَذَا كَالْخِلَافِ فِي قَلِيلِ النَّجَاسَةِ.

[مَا كَانَ عَوْرَةً مِنَ الرَّجُلِ فَهُوَ عَوْرَةٌ مِنَ الْأَمَةِ]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَمَا كَانَ عَوْرَةً مِنَ الرَّجُلِ فَهُوَ عَوْرَةٌ مِنَ الْأَمَةِ)

وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ (٢) وأمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتِبَةُ (٣)، وَمَنْ كَانَ فِي رَقَبَتِهَا شَيْءٌ مِنَ الرِّقِّ، فَهِيَ فِي مَعْنَى الْأَمَةِ، كَذَا فِي "شرح الطحاوي" (٤).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (فِي ثِيَابِ مَهْنَتِهَا)

الْمَهْنَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا الْخِدْمَةُ، وَالابْتِذَالُ، مِنْ مَهَنَ الْقَوْمُ خَدَمَهُمْ، وأنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ كَذَا فِي "الصِّحَاحِ" (٥) فِي حَقِّ جَمِيعِ الرِّجَالِ أَيْ سِوَى مَوْلَاهَا.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَإِنْ َكاَن َالطَّاهِرُ أَقَلَّ مِنَ الرُّبُعِ)

وَفِي " الْمَبْسُوطِ ": (وَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ كُلُّهُ مَمْلُؤًا دَمًا، أَوْ كَانَ الطَّاهِرُ مِنْهُ دُونَ رُبُعِهِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وأبي يُوسُفَ -رحمهما الله- يَتَخَيَّرُ؛ بَيْنَ أَنْ يُصَلِيَ عُرْيَانًا، وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِيَ فِيهِ؛ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ -رحمه الله-: لَا يُجْزِيهِ (٦) الصَّلَاةُ إِلَّا فِيهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ، أَقْرَبُ إِلَى الْجَوَازِ مِنَ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا، فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنَ النَّجَاسَةِ، لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ، وَكَذَلِكَ الْكَثِيرُ، فِي قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ (٧) قَالَ عَطَاءٌ (٨) -رحمه الله-: مَنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ سَبْعُونَ قَطْرَةً مِنْ دَمٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ (٩).


(١) انظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي"للعمراني (١/ ٢٨).
(٢) في (ب): (المُدَبَّر). والمُدَبَّر: (والمُدَبَّر من العبيد وَالْإِمَاء؛ مَأْخُوذ من الدبر؛ لِأَن السَّيِّد أعْتقهُ، بعد مماته، وَالْمَمَات دُبُر الْحَيَاةِ فَقيلَ مُدبَّرٌ). غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٢٢٥)
(٣) المُكَاتَبُ: العبد يكاتب على نفسه بثمنه فإذا سعى وأداه عتق. انظر: "مختار الصحاح، للرازي" (ص: ٢٦٦)
(٤) "شرح مختصر الطحاوي" لأبي بكر الجصاص (١/ ٧٠٢).
(٥) "مختار الصحاح، للرازي" (١/ ٦٤٢).
(٦) في (ب): (يجوز).
(٧) انظر: " بدائع الصنائع للكاساني " (١/ ١١٧) و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ٩٧)
(٨) عطاء بن أبى رباح: مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي، واسم أبى رباح اسلم كان مولده بالجند من اليمن ونشأ بمكة، وكان اسود أعور أشل أعرج ثم عمى في آخر عمره، وكان من سادات التابعين، وكان المقدم في الصالحين مع الفقه والورع، كان مولده سنة ٢٧ هـ، ومات بمكة سنة ١١٤ هـ، انظر: " الطبقات الكبرى لإبن سعد " (٦/ ٢٠)، "مشاهير علماء الأمصار لابن حبان (ص: ١٣٣)، " سير أعلام النبلاء للذهبي " (٥/ ٧٨).
(٩) المبسوط للسرخسي (١/ ١٨٧).