للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن انتقل إلى السِّكَّةِ (١) أو المسجد قالوا لا يَبَرُّ دَليلهُ في الزيادات إلى آخره.

وقال في الجامع الصّغير لقاضي خان -رحمه الله- (٢) اختلفوا فيه قال بعضهم لا يحنث؛ لأنّه لم يبق ساكنًا، وقال بعضهم يحنث؛ لأنّ سكناه لا تنتقص إلا بسكنى أخرى، واستدلّ بمسألة ذكرها في الزيادات (٣) كوفي نقل عياله إلى مكة ليتوطّن فلما دخلها وتوطن بها بدا له أن يرجع إلى خراسان فمرّ بالكوفة، فإنّه يصلي بها ركعتين، لأنّ وطنه بالكوفة انتقض بوطنه بمكة، وإن بدا له في الطّريق قبل أن يدخل مكة أن لا يستوطن مكة ويرجع إلى خراسان، فمرّ بالكوفة فإنّه يصلي بالكوفة أربعًا؛ لأنّ وطنه بالكوفة قائم ما لم يتخذ وطنًا آخر كذا هنا والله أعلم بالصّواب (٤).

[باب اليمين في الخروج والإتيان والركوب وغير ذلك]

وذِكر الخروج هنا ظاهر التّناسب؛ لأن له مناسبة المضادّة بالدّخول وأمّا الإتيان والركوب فما يتحقق بعد الخروج فاستصحبهما ذكر الخروج.

[٤٢٧/ ب] (ومن حلف لا يخرج من المسجد) وكذا الحكم في البيت والدّار، لكن إنّما وضع المسألة في المسجد حملًا ليمينه على العبادة (ولو أخرجه مكرهًا) أي ولو أخرج الإنسان الحالف مكرهًا (لم يحنث) لأنّه لم يوجد من الحالف الفعل لا حقيقة وهو ظاهر ولا حكمًا؛ لأنه لم يأمر به. اعلم أنّ صورة/ المسألة في الإخراج مكرهًا ما إذا حَمَله إنسانٌ فأخرجه مكرهًا فحينئذ لم يوجد منه الفعل أصلًا؛ لأنّه لم يَخرُج بل أُخرِجَ فلا يحنث، وأمّا إذا هدّده غيره فخرج هو بنفسه خوفًا من المكره حنث، لوجود الفعل منه، كما لو حلف لا يأكل هذا الطّعام فأكل مكرهًا حنث، وإن أوجَرَ (٥) في حَلقِهِ لم يحنث، كذا هنا، ثمّ في مسألة الحمل لما لم يحنث هل يَنحَلَّ اليمين ذكر في شرح القاضي عن السيّد أبي شجاع (٦) قال يَنحَلَّ، وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان فهبّت به الرّيح وألقتة فيها! لم يحنث وتنحَلُّ اليمين، (٧) وقال غيره من المشايخ: لا ينحلّ، وهو الصّحيح كذا ذكره الإمام التمرتاشي والإمام قاضي خان -رحمهما الله- (٨).


(١) السِّكَّةُ: الطَّرِيقُ الْمُسْتَوِي، وقيل: الزُّقاقُ سُمِّيَتِ الأَزِقَّةُ سِكَكًا لاصطِفَافِ الدُّور فيها كطرائِقِ النَّخل.
انظر: لسان العرب (١٠/ ٤٤١)، تاج العروس (٢٧/ ٢٠٢).
(٢) انظر: البناية (٦/ ١٥٦).
(٣) انظر: العناية (٥/ ١٠٧).
(٤) "بالصواب" سقط من (ب).
(٥) أوجر: الْوَجُورُ صَبُّ الماء أو اللَّبَنِ أَو الدَّوَاءِ أو شيء في الفَمِ.
انظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ١٤١)، مراقي الفلاح شرح نور الايضاح (١/ ٢٥٢).
(٦) أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني الشهير بأبي شجاع. ولد سنه ٥٣٣ هجرية وتولى الوزارة ومات بالمدينة المنورة وله كتاب الإقناع المشهور في فقه الشافعية. توفي سنة ٥٩٣ هجرية.
انظر: موسوعة الأعلام (١/ ٢٩٩).
(٧) " ذكر في شرح القاضي عن السيّد أبي شجاع قال يَنحَلَّ، وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان فهبّت به الرّيح وألقتة فيها، لم يحنث ويَنحَلَّ اليمين". ساقط من (ب).
(٨) انظر: العناية (٥/ ١٠٨).