للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تصديق القاتل والمشهود عليه للشهادة أو تكذيبهما]]

(فَإِنْ صَدَّقَهُمَا القَاتِلُ (١) (مَعْنَاهُ: إِذَا صَدَّقَهُمَا وَحْدَهُ (٢).

وحاصل ذلك أنَّ الوجوه منقسمة (٣) على أقسام أربعة على القسمة العقلية وذلك:

إما أن يُصدِّقهما المشهود عليه والقاتل جميعًا، أو يكذبهما المشهود عليه والقاتل جميعًا، أو يكذبهما المشهود عليه ويصدقهما القاتل، أو على العكس.

وقوله: (مَعْنَاهُ: إِذَا صَدَّقَهُمَا وَحْدَهُ (٤) أي: صدق القاتل الشَّاهدين وحده فكذَّبهما المشهود عليه في شهادتهما بعفو الثالث.

وإنَّما قيد بهذا؛ لأنَّه إذا صدق الشاهدين القاتل والمشهود عليه يضمن القاتل ثلثي الدية للشَّاهدين لا غير لأنَّهما ادَّعيا على القاتل المال وصدَّقهما القاتل فيه ولا يضمن المشهود (٥) عليه شيئاً؛ لأنَّه أقرَّ بالعفو حيث صدق الشَّاهدين في شهادتهما بالعفو فصار كما لو ثبت ذلك عياناً.

(وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَلا شَيْءَ لَهُمَا (٦) أي: وإن كذبهما المشهود عليه، معناه: إذا كذبهما القاتل أيضاً.

وإنَّما قيَّد بهذا؛ لأنَّه إذا صدقهما القاتل عند تكذيب المشهود عليه يجب على القاتل دية كاملة بينهم أثلاثاً وذلك لأنَّهما (٧) حينئذ أَقَرَّا بسقوط القصاص وانقلاب نصيبهما مالاً وقد أقرَّ القاتل بذلك عن (٨) تقدير تصديق القاتل فيلزمه ثلثا الدية لهما و (ثُلُثَ الدِّيَةِ لِلمَشْهُودِ (٩) عَلَيْهِ (١٠)؛ لأنَّه ما أقرَّ بسقوط القصاص وإنَّما سقط للقصاص بإقرار غيره.

وفي بعض النسخ معناه: إذا كذَّبهما المشهود عليه أيضاً فحينئذ كان معنى قوله: (وَإِنْ كَذَّبَهُمَا (١١) أي: وإن كذبهما القاتل.

(وَإِنْ صَدَّقَهُمَا المَشْهُودُ عَلَيهِ وَحْدَهُ) يعني: وكذبهما القاتل كان على القاتل ثلث الدية للمشهود عليه يأخذه من القاتل ويدفعه إلى الشَّاهدين فيكون بينهما.

وما أقرَّ به القاتل (للمشهود عليه)، أي: لم يثبت ما أقرَّ به القاتل للمشهود عليه بتكذيبه (١٢).


(١) بداية المبتدي (٢٤٣).
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٤).
(٣) وفي (ب) (مقسم).
(٤) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٤).
(٥) وفي (ب) (للمشهود).
(٦) بداية المبتدي (٢٤٣).
(٧) وفي (ب) (لأنهم).
(٨) وفي (ب) (على)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٩) وفي (ب) (وثلثها للمشهود).
(١٠) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٤).
(١١) بداية المبتدي (٢٤٣).
(١٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٤/ ٥٢٩)، المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ١٥٨، ١٥٩)، تبيين الحقائق (٦/ ١٢٢، ١٢٣)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٢٥، ٢٢٦)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٣٦٥، ٣٦٦)، مجمع الأنهر (٤/ ٣٣٥، ٣٣٦).