للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَتَأْوِيْلُهُ) أنَّه (إِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ خارج (١) (٢) فإن قيل: الشهود شهدوا على الضَّرب بشيء خارج (٣) ولكن الضَّرب قد يكون خطأ فكيف يثبت القود مع أنَّهم لم يشهدوا أنَّه كان متعمدًّا.

قلنا: لما شهدوا أنَّه ضربه بالسِّلاح فقد شهدوا أنَّه قصد ضربه؛ لأنَّه لو كان مخطئاً لا يحل لهم أن يشهدوا أنَّه ضربه، وإنَّما يشهدون أنَّه قصد ضرب غيره فأصابه. كذا ذكره شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده -رحمه الله- (٤) (٥).

(لأَنَّ القَتْلَ لا يُعَادُ وَلا يُكَرَّرُ (٦) فكان كل واحد منهما شاهداً بقتل على حِدَةٍ فلا يثبت أحدهما لانعدام نصاب الشَّهادة فيه.

ولأنَّ القاضي تيقن بكذب أحدهما؛ لأنَّه بعدما قتل في يوم في مكان لا يُتصوَّر أن يُقتل في يوم آخر ولا في مكان آخر، فبعدما تيقن القاضي بكذب الشَّاهد لا يجوز (٧) له أن يقضي بشهادته.

وكذلك لو شهد شاهد (٨) على رجل بالقتل خطأ وشهد الآخر على إقرار القاتل بذلك فهذا باطل أيضاً؛ لأنَّهما اختلفا في المشهود به فإن أحدهما شهد بفعل والآخر بقول والقول غير الفعل وواحد منهما لا يثبت عند (٩) القاضي إلا باتفاق الشَّاهدين [عليه] (١٠) كذا في المبسوط (١١).

(وَكَذَا إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعَصاً، وَقَالَ الآخَرُ: لا أَدْرِي بِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ (١٢)؛ لأنَّ المقضي به إن كان القتل بعصا [تجب] (١٣) الدية على العاقلة، والمقضي (١٤) به إن كان لا يعلم بماذا قتله الدية في ماله. كذا ذكره شيخ الإسلام (١٥).


(١) وفي (ب) (جَارِحٍ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.
(٢) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٤).
(٣) وفي (ب) (جارح) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٤) هو: الامام شيخ الاسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، وكان من عظماء ماوراء النهر، قال السمعاني: كان إماما فاضلا حنفيا وله طريقة حسنة مفيدة جمع فيها من كل فن وكان يحفظها، وله كتاب المبسوط. (ت ٤٨٣ هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (١/ ٢٥٩)، الجواهر المضية (٢/ ٤٩).
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٢٢٨)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٢).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٧٤).
(٧) وفي (ب) (لا يكون).
(٨) كذا في (أ) و (ب) ولعل الصواب (شاهدان) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.
(٩) وفي (ب) (إلا عند).
(١٠) سقط في (ب).
(١١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٦/ ١٠٤).
(١٢) بداية المبتدي (٢٤٣).
(١٣) سقط في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).
(١٤) وفي (ب) (المقضي).
(١٥) يُنْظَر: الجامع الصغير (٥٠١)، البناية شرح الهداية (١٣/ ١٥٢).