للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[مسألة طلاق اليد]]

ولو قال: يدك طالق أو رجلك طالق لم يقع الطلاق/ (١).

فَإِنْ قِيلَ الْيَدُ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جميع البدن؛ لقوله -عليه السلام-: «على اليد ما أخذت حتّى ترده» (٢).

قلنا: ذكر في «الأسرار»: أراد النّبي -عليه السلام- بذكر اليد هناك صاحبها، وعندنا متى قال الزّوج: أردت إضمارصاحبها طلقت، وإنّما الكلام من حيث حقيقته، ولأنّه يجوز أن يكون اليد هناك عبارة عن الكلّ مقرونًا بالأخذ؛ لأنّ الأخذ باليد يكون ولا يكون كذلك مقرونًا بالطّلاق (٣)، وأنّه نأب بُنى على حسب عُرْفِ اللِّسَانِ (٤) بكلّ بلد، فمتى جاء بلفظ يكنى به عن البدن كله في عرف بلدهم، كان طلاقاً صحيحًا، وإن امتنع ذلك في بلد آخر لا يكون طلاقاً في ذلك البلد، كالنبطي (٥) يطلق امرأته بالفارسية فتطلق، والعربيّ إذا تكلّم به وهو لا يدري ما هو لم تطلق فهذا باب لا مناقشة فيه (٦)، وإنّما الخلاف في أَنَّ مَا يُمْلَكُ تَبَعًا، هَلْ يَكُونُ مَحَلًّا لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ صَيْرُورَتِهِ عِبَارَةً عَنْ جملة البدن؟ فأمّا على جوازه وصيرورته أنّه عبارة عن البدن، فلا إشكال أنّه يقع بذلك يدًا كان أو رجلاً، بعدما يستقيم ذلك في اللغة أو كانت لغة لقوم يعرف لسانهم، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ.


(١) إذا أضاف الطلاق إلى جزء شائع، فان الطلاق يقع؛ لأن ذكر مالا يتبعض ذكر للجميع، وإذا أضافه إلى جزء معين لا يعبر به عن جميع البدن، كالإصبع واليد فقول الجمهور: أنها تطلق، والحنيفة قالوا: لا تطلق. يُنْظَر: بدائع الصنائع (٤/ ٣١٠)، والإفصاح (٢/ ١٥٧)، والفتاوى الهندية (١/ ٣٦٠)، والفروع (٥/ ٣٠٩).
(٢) أخرجه ابن ماجة في سننه (أبواب الصدقات/ باب الوديعه/ ٢٤٠٠)، وأبي داود في سننه (كتاب البيوع/ باب في تضْمين العاريَّة/ ٣٥٦١)، قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ الحاكم: "حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ". انظر: نصب الراية (٤/ ١٦٧).
(٣) يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٣٧).
(٤) عرف اللسان: ما يفهم من اللّفظ بحسب وضعه اللغويّ. ينظر: معجم اللغة العربية (٢/ ١٤٨٦).
(٥) النبطي نسبة إلى نبط بفتحتين، وهم قوم ينزلون سواد العراق، وقال الفقيه أبو الليث: "النبطي"رجل من غير العرب، بلاد النبط وهي الري والموصل والجزيرة. انظر: البناية شرح الهداية (٦/ ٣٧٤).
(٦) انظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٣١٥)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٣٨٦).