للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثَمَرَةُ الخْلَافِ]

وَثَمَرَةُ هَذَا (١) الاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْأَرْوَاثِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَمَّا سَاغَ الاجْتِهَادُ فِي الرَّوْثِ، أَوْجَبَ التَّخْفِيفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: (بِأَنَّ الْبَعْرَ (٢)، وَالرَّوْثَ، وَخَثْيَ الْبَقَرِ (٣) طَاهِرٌ) (٤)، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى (٥): (السِّرْقِينِ لَيْسَ بِشَيْءٍ) (٦)، قَلِيلُهُ، وَكَثِيرُهُ، لَا يُمْنَعُ، وَاحْتَجَّا فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَقُودُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُمْ يَجْمَعُونَهَا، وَيَطْبُخُونَ بِهَا الْقِدْرَ، وَالْخُبْزَ، وَلَوْ كَانَتْ نَجِسًا؛ لَمَا اسْتَعْمَلُوهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا الْعَذِرَةَ، وَكَذَا رُوِى أَنَّ الشُّبَّانِ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ إِذَا نَزَلُوا مَوْضِعًا فِي الْغَزَوَاتِ، كَانُوا يَتَرَامُونَ بِالْجِلَّةِ (٧) وَلَوْ كَانَتْ نَجِسًا؛ لَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ (٨)، كَمَا لَمْ يَفْعَلُوا بِالْعَذِرَةِ (٩).


(١) (هذا)، ساقطة من (ب).
(٢) البَعَر: هو الدِّمْن. ودَمِنتِ الماشيةُ المكانَ: بَعَرت فِيهِ وَبَالَتْ. ودَمَّن الشاءُ الْمَاءَ، هَذَا مِنَ البَعَر.
انظر: "لسان العرب لابن منظور" (١٣/ ١٥٧).
(٣) قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي: الرَّوْثُ لِلْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، وَالْخُنْثَى بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلْبَقَرِ وَالْفِيلِ، وَالْبَعْرُ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَالْخُرْءُ لِلطُّيُورِ، وَالنَّجْوُ لِلْكَلْبِ، وَالْعَذِرَةُ لِلْإِنْسَانِ. انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٢٢١).
(٤) ينظر: "المدونة الكبرى" لمالك بن أنس (٣/ ١٩٩).
(٥) ابن ابي ليلي: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قاض فقيه، من أصحاب الرأي، ولي القضاء والحكم بالكوفة لبني أمية، ثم لبني العباس، واستمر في ذلك ٣٣ سنة، له أخبار مع الإمام أبي حنيفة وغيره، توفي بالكوفة عام ١٤٨ هـ، انظر "الوافي بالوفيات للصفدي (٣/ ٢٢١) "ميزان الإعتدال للذهبي" (٣/ ٨٧) "وفيات الأعيان لابن خلكان (١/ ٤٥٢).
(٦) ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ٥٠)
(٧) في هامش (أ) قال: [الجَلة بالفتح البعرة]. وأصل الجلة: البعر وكني بهَا عَن الْعذرَة يُقَال مِنْهُ: خرج الْإِمَاء يجتللن إِذا خرجن يلتقطن البعر. ينظر " غريب الحديث " للقاسم بن سلام (١/ ٧٨).
(٨) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ١٨٦).
(٩) (كما لم يفعلوا بالعذرة) ذكره صاحب العناية بالاثبات حيث قال: (وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا اسْتَعْمَلُوهُ كَالْعَذِرَةِ). ينظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٠٥).