للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[زكاة الشركين]]

وذكر في زكاة المبسوطـ: و (١) إذا حالَ الحَول على مال الشّريكين المتفاوضين فأدَّى كلُّ واحدٍ منهما زكاةَ جميع المال، فإنْ أدَّى كلُّ واحد منهما بغير أَمر صاحبه ضمن لصاحبهلأنّ كلَّ واحدٍ منهما بسبب الشّركة صار نائبًا عن صاحبه في التِّجارات دون إقامة العبادات، وإنْ كان كلُّ واحد منهما قد أمِر بأداء الزكاة فهو على وجهين: إما أنْ يؤدِّيا معًا أو على التَّعاقب. فإنْ أدّيا معًا ضَمِن كلُّ واحدٍ منهما لصاحبه حصَّته مما أدَّى في قول أبي حنيفة -رحمه الله- ولم يضمَن عندهما. وإِنْ أدّيا على التّعاقب فلا ضَمان على المؤدِّي أولًا منهما لصاحبه، ويضمَن المؤدِّي آخرًا لصاحبه حصّته مما أدّى في قول أبي حنيفة، سواءٌ علم بأدائه أو لم يعلم. وعندهما: إنْ علِم بأداء صاحبه ضمِن وإلّا فلا؛ هكذا أشار إليه في "كتاب الزكاة".

وفي الزِّيادات يقول: لا ضمان عليه سواءٌ علم بأداء شريكه أو لم يعلم، وهو الصّحيح عندهما، وكذلك الخلاف في الوكيل بأداء الزّكاة إذا أدّى بعد أداء الموكِّل بنفسه، وكذلك الخلاف في الوكيل بعتق العبد عَن الظهار إذا أعتقه بعد ما كفّر الموكِّل بنفسه أو بعد ما عَمِي العبد عند أبي حنيفة لا ينفَّذ عتقه، وعندهما ينفَّذ سواء علِم بتكفير الموكِّل أو لم يعلَم على ما ذكره في الزِّيادات.

وجه قولهما أنّ أداء الزَّكاة بنفسه يتضمَّن عزل الوكيل فلا يثبت حكمه في حقِّه قبل العلم به.

وأمَّا رواية الزِّيادات فقالا: هو مأمور بدفع المال إلى الفقير على وجه يكون صدقةٌ وقُربة، وأداء الموكِّل بنفسه لا ينفي هذا المعنى، فلا يوجِب عزل الوكيل، وكان هذا في الأداء ممتثلًا أمره، فلا ضمان عليه، سواءٌ علِم بأدائه أو لم يعلَم (٢)، فصار معزولًا علِم أو لم يعلَم؛ لأنَّه عزل حكمي.

فإن قلتَ: يُشكل على هذا الوكيل بقضاء الدّين، فإنَّ هناك إذا قضى الموكِّل بنفسه ثُمَّ قضى الوكيل فإنْ علم بأداء الموكِّل فهو ضامِن وإلا لم يضمَن شيئًا، فقد فرَّق هناك بين العلم وعدمه مع أنَّه حصل (٣) العزل الحكمي هناك أيضًا بأداء الموكِّل.

قلت: "الوكيل بقضاء الدّين مأمور بأنْ يجعل المؤدّى مضمونًا على القابض على ما هو الأصل؛ لأنَّ الدُّيون تُقضى بأمثالها، وذلك يُتصوَّر بعد أداء الموكِّل فلم يكن أداؤه موجبًا عَزل الوكيل حكمًا. يوضِّح الفرق أنَّ هناك لو لم يوجِب الضَّمان على الوكيل لجهله بأداء الموكِّل لا يلحق الموكِّل فيه ضررلأنَّه يتمكّن من استرداد المقبوض مِن القابض وتضمينه إنْ كان هالكًا، وهاهنا لو لم يوجب الضّمان أدَّى إلى إلحاق الضّرر بالموكِّللأنَّه لا يتمكَّن من استرداد الصَّدقة من الفقير ولا تضمينه، والضَّرر مدفوع، فلهذا أوجب الضّمان بكل حال" (٤) كذا في المبسوط.


(١) ساقط من (ب).
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (٢/ ٢٠٩ - ٢١٠).
(٣) في (ب) "يتحصل".
(٤) المبسوط للسرخسي (٢/ ٢١٠).