للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ -رحمه الله-: وَفِي التَّهْذِيبِ؛ كُلُّ عُضْوٍ هُوَ عَوْرَةٌ، مِنْهَا فَإِذَا انْفَصَلَ عَنْهَا هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ؟

فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ؛ كَمَا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى دَمِهَا وَريِقِهَا، وَكَذَا الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الرَّجُلِ، وَشَعْرُ عَانَتِهِ؛ إِذَا حُلِقَ هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ؟

فِيهِ وَجْهَانِ.

[حكمُ صلاةِ من بدا مِنها ربعُ أو ثُلُث ساقِها]

ثُمَّ قَوْلُهُ -رحمه الله-: (فَإِنْ صَلَّتْ وَثُلُثُ/ سَاقِهَا أَوْ رُبُعُهَا مَكْشُوفٌ: تُعِيدُ الصَّلَاةَ)

فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا جَمَعَ مُحَمَّدٌ -رحمه الله- بَيْنَ الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ، وَذِكْرُ الرُّبُعِ؛ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الثُّلُثِ، قُلْنَا الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مُحَمَّدًا -رحمه الله- لَمْ يُثْبِتِ الْقَوْلَ فِي (١) الرُّبُعِ، بِالْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، عَلَى أَنَّ الرُّبُعَ كَثِيرٌ، وَقَدْ رَوَى فِي الثُّلُثِ، كَمَا قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ: «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» (٢) وَلَكِنْ قَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ، عَلَى كَوْنِ الرُّبُعُ كَثِيراً، وَقَدْ رُوِيَ فِي الثُّلُثِ (٣) كَمَا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَمَسْحِهِ فَرَدَّدَ بَيْنَ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، كَيْلَا يَكُونَ قَاطِعاً، فِيمَا لَهَ تَرَدُّدٌ، وَالثَّانِي أَنَّ … أَبَا حَنِيفَةَ -رحمه الله- سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَأَوْرَدَهَا مُحَمَّدٌ -رحمه الله- فِي الْكِتَابِ كَذَلِكَ كَذَا فِي "الفوائد الظهيرية".

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُوصَفُ بِالْكَثْرَةِ؛ إِذَا كَانَ مَا يُقَابِلُهُ أَقَلَّ مِنْهُ)

يَعْنِي لَمَّا وَصَفَ الشَّيْءَ بِأَنَّهُ كَثِيرٌ؛ لَا بُدَّ أَنْ يُوصَفَ مَا يُقَابِلُهُ وَيُضَادُّهُ بِأَنَّهُ (٤) قَلِيلٌ [وَإِلَّا] (٥) يَلْزَمُ الْمُحَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَا يُقَابِلُهُ قَلِيلًا، بِنِسْبَتِهِ كَانَ كَثِيراً لِعَدَمِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ قَلِيلاً، وَكَثِيراً؛ وَهُوَ مُحَالٌ، فَإِنْ قُلْتَ:


(١) في (ب): (وهما).
(٢) أخرجه البخاري في"صحيحه" (٢/ ١٢٤)، كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس، حديث (٢٦٥٤)، وأخرجه مسلم في"صحيحه"ص ٦٦٧، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، حديث (١٦٢٨).
(٣) (وقد رُوي في الثلث): زيادة من (ب).
(٤) (بأنه): ساقطة من (ب) ..
(٥) في (أ): (ولا)، والمثبت من (ب) وهو الصحيح نظرًا للسياق.