للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحصل من هذا كله أن صبغ الثوب لا يخلو: إما أن يكون بالسواد أو بغيره، وكل واحد منهما لا يخلو: إما أن يوجب الزيادة، أو النقصان، ثم كل واحد من السواد وغيره إما إن كان بفعل أحد، أو بغير فعل أحد، ولو كان بفعل أحد فلا يخلو: إما أن يكون ذلك الفاعل صاحب الثوب، أو صاحب الصبغ أو غيرهما، وذلك الغير إما إن كان حاضرًا أو غائبًا، وهذه الأقسام كلها مذكورة في «الإيضاح (١) ثم الذي ذكر في الكتاب (٢) هو الذي ذكرناه فلا يحتاج إلى إعادته.

[الضمان لمن غصب صبغًا وصبغ به ثوبه]

وأما الذي لم يُذكر في الكتاب فهو (٣) أن صاحب الثوب لو غصب العصفر وصبغ به ثوبه فهو ضامن لمثل ما أَخذ؛ لأنه استهلكه، فيضمن المثل إن قدر عليه، وإن لم يقدر فهو على الاختلاف الذي ذكرنا (٤) فيما ينقطع من أيدي الناس، وليس لصاحب العُصْفر أن يحبس الثوب في شيء من ذلك؛ لأن الثوب أصل فصار الصبغ فيه كالهالك، والسواد في هذا الوجه بمنزلة العصفر على قول أبي حنيفة (٥) - رحمه الله- أيضًا؛ لأن مالك الثوب مستهلك للسواد، فلا فرق بين أن يزيد قيمة الثوب أو ينقص، ولو وقع الثوب في صبغ أحد فانصبغ فقد ذكرناه (٦)؛ ولو غصب إنسان ثوبًا من رجل وصبغه بعصفر لآخر، ثم ذهب الفاعل فلم يُعرف، فالقول فيه: كما لو اختلط بغير فعل أحد استحسانًا، والقياس: ألا يكون لصاحب الصبغ على صاحب الثوب سبيل؛ لأنه وجب الضمان على الغاصب، وانقطع (٧) حق هذا عن الصبغ؛ وجه الاستحسان: هو أنه إذا لم يُعرف الفاعل، وتعذر إلزام الحكم عليه صار كأنه حصل من غير فعل أحد (٨).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦٢)، البحر الرائق (٨/ ١٣٤).
(٢) قال المرغيناني: (ولو كان ثوبًا تنقصه الحمرة بأن كانت قيمته ثلاثين درهمًا فتراجعت بالصبغ إلى عشرين، فعن محمد أنه ينظر إلى ثوب تزيد فيه الحمرة، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ ثوبه وخمسة دراهم؛ لأن إحدى الخمستين جبرت بالصبغ). الهداية (٤/ ٣٠٢).
(٣) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦٢)، الجوهرة النيرة (١/ ٣٤٣)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣١).
(٤) راجع، ص ().
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦٢)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣١).
(٦) راجع (ص: ٢٠٢) (ولا شيء عليه من قيمة الصبغ في قول أبي حنيفة- رحمه الله-) وكذلك انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ٢٢٨).
(٧) في (ع): (ولا يقطع).
(٨) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٦٢)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣٢).