للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يخفيه الإمام في الصَّلاة]

وَذُكِرَ فِي " الْمَبْسُوطِ ": (قَالَ وَيُخْفِي الْإِمَامُ التَّعُوُّذَ، وَالتَّشَهُّدَ، وَالتَّسْمِيَةَ، وَآمِينَ، وَاللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) (١) ثُمَّ قَالَ: (قَدْ طَعَنُوا فِيهِ، وَقَالُوا مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٢) أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُهَا أَصْلاً؛ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ جَوَابُهُ أَنَّهُ يُخْفِي بِهَا؟

وَلَكِّنَّا نَقُولُ عَرَفَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ؛ لِحُرْمَةِ قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنهما- فَفَرَّعَ الْجَوَابَ عَلَى قَوْلِهِمَا؛ أَنَّهُ (٣) يُخْفِي بِهَا إِذَا كَانَ يَقُولُهَا، (كَمَا فَرَّعَ مَسَائِلَ الْمُزَارَعَةِ؛ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَهَا، وَيَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَلَا مُتَمَسَّكٌ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْنِي فِي أَنَّهُ لَا يَقُولُهَا) (٤) (٥) الْإِمَامُ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَثْبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا» قُلْتُ وَفِي قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- «فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا» حُجَّتَانِ لَنَا أَحَدَيْهِمَا عَلَى مَالِكٍ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا؛ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الشَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ يُخْفِيهَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَهْراً لَكَانَ مَسْمُوعًا فَحِينَئِذٍ اسْتَغْنَى (٦) عَنْ قَوْلِهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا.

[[حكم التأمين بعد الفاتحة للإمام]]

وَفِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" وَرَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٧) أَنَّهُ لَا يَقُولُ الْإِمَامُ آمِينَ؛ إِنَّمَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ دَاعِيٌ، وَالْمَأْمُومُ مُسْتَمِعٌ؛ وَإِنَّمَا يُؤَمِّنُ الْمُسْتَمِعُ لَا الدَّاعِي كَمَا فِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ} (٨) وَمُوسَى -عليه السلام- كَانَ يَدْعُو؛ وَهَارُونَ -عليه السلام- كَانَ يُؤَمِّنُ فَكَذَلِكَ ها هُنَا الْإِمَامُ دَاعٍ، وَالْمَأْمُومُ مُسْتَمِعٌ؛ فَيَجِبُ أَنْ يُؤَمِّنَ الْمُسْتَمِعُ لَا الدَّاعِي،


(١) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٢).
(٢) (حَنِيفَةَ) ساقطة من (ب).
(٣) (أَنَّهُ) ساقطة من (ب).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٢).
(٦) ينظر: "الذخيرة" (٢/ ٢٢٣).
(٧) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٢)، و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ١١٣).
(٨) سورة يونس: من آية (٨٩).