للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْنَا مَا شُرِعَ رُكْناً لَمْ يَصِرْ مَنْسُوخا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ شُرِعَ فِيهَا يَلْزَمُهُ سَائِرُ الْأَرْكَانِ؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِحِفْظِ الْقُرْآنِ لِبَقَاءِ الْأَحْكَامِ وَالْقُرْآنُ يُحْفَظُ؛ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ؛ وَالْقِرَاءَةُ لَا تُفْتَرَضُ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ، فَتَعَيَّنَتْ فِي الصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ يَنْبَغِي (١) مِنْهُ التَّعْظِيمُ، حَالَةَ الْخِدْمَةِ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِكُلِّ عُضْوٍ رُكْنٍ لَا تَتَأَدَّى الصَّلَاةُ بِدُونِهِ؛ فَكَذَا هَذَا الْعُضْوُ، يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ رُكْنٌ أَيْضاً، لَا يَتَأَدَّى إِلَّا بِهِ كَذَا فِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ".

وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لَا يَجُوزُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ قُلْتَ بِأَنَّهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ، بَلْ هُوَ خَبَرٌ مَشْهُورٌ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ فَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِمِثْلِهِ؟

قُلْنَا؛ إِنَّمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ؛ إِذَا كَانَ مُحْكَماً، وامَّا إِذَا كَانَ مُحْتَمَلاً فَلَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يُذْكَرُ لِنَفْيِ الْجَوَازِ؛ كَمَا قَالَ -صلى الله عليه وسلم- «لَا صَلَاةٌ إِلَّا بِالطَّهُورِ» (٢) وَيُذْكَرُ لِنَفْيِ الْفَضِيلَةِ؛ كَمَا قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا صَلَاة لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» (٣) وَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ صَارَ مُحْتَمَلاً؛ وَبِالْمُحْتَمَلِ لَا يُجَّوِزُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْكِتَابِ كَذَا فِي طَرِيقَةِ الْإِمَامِ الْبُرْغَرِيِّ (٤) (وَمَبْسُوطُ/ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ أَيْ قَالَ الْإِمَامُ آمِينَ وَيَقُولُهَا الْمُؤْتَمُّ أَيْ وَيَقُولُ كَلِمَةَ آمِينَ الْمُقْتَدِي أَيْضًا) (٥)؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَالَ آمِينَ لِنَفْيِ شُبْهَةِ الْقِسْمَةِ؛ الَّتِي اقْتَضَاهَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {وَلَا الضَّالِّينَ} (٦) فَقُولُوا آمِينَ» كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِك -رحمه الله-.


(١) في (ب): (يُبتغى).
(٢) رواه مسلم في كتاب الطهارة " باب وجوب الطهارة للصلاة" (١/ ٢٠٤)، والبغوي في شرح السنة (١/ ٣٢٩) كلاهما من رواية ابن عمر.
(٣) روي هذا الحديث عن جابر وأبي هريرة وعائشة وعلي -رضي الله عنهم- موقوفاً عليه. وأخرجه الدارقطني (١/ ٤١٩ - ٤٢٠) وقال الحافظ: ضعيف، وقال النووي في "الخلاصة" (٢/ ٦٥٦): (في إسناده ضعيفان، أحدهما مجهول).
وقال الحافظ في " الدراية في تخريج أحاديث الهداية " (٢/ ٢٩٣): (وفيه محمد بن سكين الشقري … وهو ضعيف). وقال في "التلخيص" (٢/ ٣١): (مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت).
(٤) في (ب): (البرعري أيضا).
(٥) ساقطة من (ب).
(٦) سورة الفاتحة من آية: (٧).