للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فكان تمتعًا بالعمرة في أشهر الحجّ) أي: ارتفاقًا بإباحة الشروع فيها في وقت الحجّ، فكان موجب أصل الشكر هو الارتفاق بشرعية العمرة في أشهر الحجّ؛ لأنه لم يكن له هذا الارتفاق قبل هذا، وكذلك يرتفق بالحجّ، فجرى الوصل بالحجّ مجرى الوصف لأصل العلة كالنماء للنصاب، فيجوز تعجيل الواجب كما يجوز هناك فعدم الوصف منع وجوب الأداء، ولم يمنع التعجيل كقول الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (١) إلى قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٢)، فمنع الأجل الوجوب، ولم يمنع جواز الأداء إذا عجل إلى هذا أشار في «الأسرار» (٣).

(وهذا أفضل).

أي: من الذي لم يسق هديه.

(على ما رويناه)، أي: في فصل قبل باب القران أنها قالت (٤): كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - عليه السلام -.

(لأن له ذكراً في الكتاب).

[التقليد والإشعار]

وهو قوله تعالى: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} (٥)، ولأن شرعيته ثابتة بالكتاب والسنة مقصودًا في إعلام أنها هدي، والتجليل ما يثبت إلا بفعل النبي - عليه السلام - وهو غير مقصود للإعلام نفسه لمشاركته معاني أخر، وهي الزينة، ودفع الذباب، ودفع الحر، والبرد، فكان التقليد أولى.

(لأنه يصير محرمًا بتقليد الهدي، والتوجه معه).

معنى (٦)، وإذا كان كذلك كان تقديم التلبية على التقليد أولى؛ ليكون شروعه في الإحرام بالتلبية لا بالتقليد؛ لأن (الأولى أن يحرم بالتلبية، فلذلك كان الأفضل أن يلبي أولًا، ثُمَّ يقلد هديه) كذا في «المبسوط» (٧).

(على ما سبق).

أي: في فصل قبل (٨) باب القران.

(والأشبه (٩) هو الأيسر).


(١) سورة البقرة من الآية (١٨٥).
(٢) سورة البقرة من الآية (١٨٤).
(٣) انظر: الأسرار (٨٠).
(٤) لقول عائشة رضي الله عنها: " كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبعث بها وأقام في أهله حلالا ". أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب الحج (٢٥)، باب: من قلد القلائد بيده (١٠٩). حديث رقم (١٧٠٠).
(٥) سورة المائدة من الآية (٢).
(٦) في (ب): يعني.
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ٣٢).
(٨) في (ب): قتل.
(٩) لفظ (هو الأشبه) يستعمل عند تعدد الأقوال في حكم مسألة معيّنة حيث يرجح أحد الأقوال على غيرها، فهو مصطلح عند الحنفية يراد به: «هو الأشبه بالمنصوص رواية، والراجح دراية، فيكون الفتوى عليه». بمعنى: أنه الأقرب في معناه إلى النص المروي عن الإمام أو صاحبيه من جهة، ومن جهة أخرى هو الراجح على بقية الأقوال لمعرفة دليله بعد النظر والتأمل من قبل المفتي المجتهد.
انظر: الكواشف الجلية (ص/ ٧٨)