للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كَذَا فِي "الْمَبْسُوطِ" (١). وامَّا سَبَبُهُ فِي الْبَقَاءِ؛ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ.

[حُكمُ الْأَذَانِ]

وامَّا وَصْفُهُ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ؛ (لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ -رحمه الله- (٢) لَوْ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ، مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ؛ إِذَا تَرَكُوا الْأَذَانَ، وَالْإِقَامَةَ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِتَالُ مَعَهُمْ، وَإِنَّمَا يُقَاتِلُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، دُونَ السُّنَّةِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إِنَّهُمَا سُنَّتَانِ، مُؤَكَّدَتَانِ)، كَذَا فِي "التُّحْفَةِ" (٣).

وَذَكَرَ فِي "الْمُحِيطِ" (قَالَ أَبُو يُوسُفَ -رحمه الله- (٤): إِذَا امْتَنَعُوا عَنْ إِقَامَةِ الْفَرْضِ، نَحْوَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ، وأداء الزَّكَاةِ؛ يُقَاتَلُونَ، وَلَوِ امْتَنَعَ وَاحِدٌ؛ ضَرَبْتُهُ، وامَّا السُّنَنُ نَحْوَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (٥) وَالْأَذَانِ؛ فَإِنِّي آمُرُهُمْ، واضْرِبُهُمْ، وَلَا أُقَاتِلُهُمْ؛ لِتَقَعُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ) (٦).

(وَمُحَمَّدٌ -رحمه الله- يَقُولُ: الْأَذَانُ/ وَصَلَاةُ الْعِيدِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ السُّنَنِ؛ إِلَّا أَنَّهَا مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى تَرْكِهَا اسْتِخْفَافٌ (٧) بِالدِّينِ، فَيُقَاتَلُونَ عَلَى ذَلِكَ (٨).

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَكْحُولٍ (٩) -رحمه الله- أَنَّهُ قَالَ: السُّنَةُ سُنَّتَانِ سُنَّةٌ أَخْذُهَا هَدْيٌ؛ وَتَرْكُهَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَسُنَّةُ أَخْذِهَا هَدْيٌ، وَتَرْكُهَا [ضَلَالَةٌ] (١٠) كَالْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَصَلَاةُ الْعِيدِ، وَالَجَمَاعَةِ، يُقَاتَلُونَ عَلَى الضَّلَالَةِ، إِلَّا أَنَّ الْوَاحِدَ؛ إِذَا تَرَكَ ذَلِكَ؛ يُضْرَبُ، وَيُحْبَسُ لِتَرْكِهِ سُنَّةً مُؤَّكَدَةً، وَلَا يُقَاتَلُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى الاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ) (١١)؛ فَوَقَعَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ -رحمه الله- وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ.


(١) ينظر "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٢٨)
(٢) ينظر: "تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ١٠٩)، و"بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ١٤٦)، و"المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٣٩)، و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ٩٠).
(٣) "تحفة الفقهاء" للسمرقندي (١/ ١٠٩) " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٤٠).
(٤) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٣٩).
(٥) في (ب): (الجنازة)
(٦) " المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٣٩).
(٧) في (أ): (استحقاق)، والمثبت من (ب)، والمحيط البرهاني لإبن مازة (١/ ٣٣٩).
(٨) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٣٣)، "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٣٩).
(٩) مكحول: هو مَكْحُول الشامي، أبو عبد الله، ويقال: أبو أيوب، ويقال: أبو مسلم والمحفوظ أبو عبد الله الدمشقي الفقيه. أرسل عن -صلى الله عليه وسلم- أحاديث، وأرسل عن عدة من الصحابة لم يدركهم، وكان فقيها عالما ورأى أبا أمامة وأنساً رضي الله عنهما وسمع واثلة بن الأسقع. توفي -رحمه الله- سنة ١١٦ هـ. انظر: " الطبقات الكبرى لإبن سعد " (٧/ ٣١٥) "تاريخ الإسلام للذهبي " (٣/ ٣٢٠)
(١٠) في (أ): (أصلا له)، وفي (ب): (ضلالة). والمثبت من: (ب).
(١١) هذا نقله بنصه من كتاب "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٤٠)