للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الإيضاح (١): ولو رأى المبيع فقبضه بعد الرؤية كان رضا به؛ لأن القبض (٢) إنهاء لحكم العقد، فصار القبض بعد الرؤية كالعقد، فيلزم العقد.

ثم ذكر في الكتاب ما يبطل خيار الرؤية بقوله:

(وما يبطل خيار الشرط من تعيب أو تصرف يبطل خيار الرؤية)

فإن قلت: يشكل على هذا الكلي الذي ذكره، ما يبطل خيار الشرط من تصرف يبطل خيار الرؤية مسألتان:

[[ما يبطل خيار الرؤية]]

أحدهما: "أنه لو اشترى داراً لم يرها فبيعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة، لا يبطل خيار الرؤية في ظاهر الرواية، ويبطل خيار الشرط.

والثانية: إذا عرض المشتري المبيع على بيع بطل خيار الشرط، ولا يبطل خيار الرؤية"، والمسألتان في فتاوي قاضي خان (٣).

قلت: الأصل فيهما هو أن خيار الرؤية لا يبطل بصريح الرضا قبل الرؤية؛ لما ذكرنا، فلا يبطل (٤) بدليل الرضا بالطريق الأولى؛ لأنه دونه، ثم الأخذ بالشفعة والعرض على البيع دليل الرضا، فلذلك لا يعملان في إبطال خيار الرؤية، ثم فصَّل ذلك التصرف في الكتاب، أنه في أي وقت يبطل فقبل الرؤية أو بعدها بقوله:

(ثم إن كان تصرفاً لا يمكن رفعه إلى آخره) (٥)

فذكر ههنا أن التصرف الذي يبطل خيار الشرط يبطل خيار الرؤية، ولم يذكر في باب (٦) خيار الشرط ما يبطل خيار الشرط من التصرف، وذلك (٧) في الذخيرة (٨) إذا كان الخيار للمشتري فنفوذ البيع بما ذكرنا في المعاني الثلاثة التي ذكرناها في خيار الشرط، وبمعنى آخر سواها، وهو أن يتصرف المشتري في المبيع تصرف الملاك.

والأصل فيه: أن كل فعل باشر المشتري فالمشترَى (٩) بشرط الخيار فعلاً يحتاج إليه للامتحان، ويحل في غير الملك بحال، فالاشتغال به أول مرة لا يكون دليل الاختيار حتى لا يسقط خياره، وكل فعل لا يحتاج إليه للامتحان [أو يحتاج إليه للامتحان] (١٠)، إلا أنه لا يحل في غير الملك بحال؛ فإنه يكون دليل الاختيار؛ وهذا لأنه متى فعل فعلاً يحتاج إليه للامتحان ويحل في غير الملك متى جعل دليل الاختيار وسقط خياره أول مرة لا يفيد الخيار فائدة؛ لأن فائدة شرط الخيار إمكان الرد متى لم يوافقه بعد الامتحان، فمتى لزمه البيع بفعل الامتحان أول مرة يفوت فائدة الخيار إذا ثبت هذا، فنقول: إذا اشترى جارية على أنه بالخيار فاستخدمها مرة لا يبطل خياره؛ لأن الاستخدام يحتاج إليه للامتحان، وإنه يحل بدون الملك في الجملة، فلم يكن اشتغال (١١) به مرة دليل الاختيار، فيبقى على خياره، بخلاف ما لو وطئها حيث يبطل خياره، وإن كان الوطئ (محتاجاً إليه للامتحان؛ لأنها تشترى للوطئ ولا يعلم كونها صالحة للوطئ بالنظر إليها، وإنما كان كذلك؛ لأن الوطء تصرف لا يحل بدون الملك بحال، فكان الإقدام عليه اختيار للملك حتى لا يقع وطؤه في غير الملك، ولا كذلك الاستخدام فإنه يحل في غير الملك، وإن استخدامها بمرة أخرى، فإن كان في النوع الذي استخدمها في المرة الأولى كان اختياراً للملك؛ لأن المرة الأخرى في ذلك النوع غير محتاج إليه للامتحان، والعرض على البيع والتقبيل واللمس عن شهوة ولبس الثوب مرة أخرى، وركوب الدابة مرة أخرى، كل ذلك يسقط الخيار؛ لما أنه غير محتاج إليه للامتحان، أو لا يحل في غير الملك" وأمثالها مذكورة في الفتاوي (١٢).


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٩٥).
(٢) "إنما كان" زيادة في (ب).
(٣) فتاوى قاضيخان (٢/ ٩٦).
(٤) "ايضا" زيادة في (ب).
(٥) قال في الهداية: " ثم إن كان تصرفاً لا يمكن رفعه، كالإعتاق والتدبير، أو تصرفاً يوجب حق للغير، كالبيع والرهن والإجارة: يبطله قبل الرؤية وبعدها" الهداية شرح بداية المبتدئ (٣/ ٩٥٨).
(٦) في (ب) وفي هامش (أ).
(٧) "وذكر" في (ب).
(٨) المحيط البرهاني (٦/ ٤٩٨).
(٩) "في المشترى" في (ب).
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(١١) "الاشتعال" في (ب) و (ج) ..
(١٢) المسائل البدرية (٢/ ٦٢٨ - ٦٢٩)، الفتاوى الهندية (٣/ ٦٠).