للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١) كتاب الغصب (٢)

إيراد كتاب (٣) الغصب [بعد الإذن] (٤) في التجارة لوجهين:

[[الغصب من أنواع التجارة]]

أحدهما: أن الغصب من أنواع التجارة مآلًا، حتى أن إقرار المأذون لمَّا صحَّ بديون التجارة دون غيرها صحَّ بدين الغصب أيضًا (٥)، ولم يصح بدين المهر (٦)؛ لكون الأول من التجارة دون الثاني، فكان ذكر النوع بعد ذكر الجِنْس (٧) من المناسبة.

والثاني: أن المغصوب ما دام قائمًا بعينه في يد الغاصب لا يكون الغاصب مالكًا لرقبته فصار كالعبد المأذون، فإنه غير مالك لرقبته وما في يده من أموال التجارة، وإن كان/ يتصرف فيه تصرف المُلاك؛ فذِكْر المتجانسين متصلًا أحدهما بالآخر من المناسبة إلا أنه قدَّم الإذن في التجارة؛ لأنه مشروع من كل وجه، والغصب ليس بمشروع (٨).

[[لا يملك الغاصب رقبة المغصوب ما دام قائما بعينه]]

اعلم أن محاسن الغصب من حيث الأحكام لا من حيث الإِقدام، كما في باب (٩) الجنايات (١٠) والدِّيات (١١)، فإن المقصود من بيان كتاب الغصب هو بيان حُكمه المُرتب عليه؛ لأنه ليس في الغصب شيء من الإباحة (١٢)، فضلًا عن الحسن والطاعة، بل هو عدوان محض، وظلم صِرْف (١٣) (١٤).


(١) في (ع): زيادة (بسم الله الرحمن الرحيم).
(٢) الْغَصْبُ لغة: غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْبًا، واغْتَصَبَه، فَهُوَ غاصِبٌ، وغَصَبه عَلَى الشيءِ: قَهَره، وغَصَبَه مِنْهُ. والاغْتِصابُ مِثْلُه، والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب، وهو: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا وَقَهْرًا. انظر: المغرب مادة (غ ص ب) (ص: ٣٤٠)، الصحاح مادة (غ ص ب) (١/ ١٩٤)، لسان العرب (١/ ٦٤٨). وشرعًا: عرَّفه أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحمهما اللَّهُ عَنْهُمَا -: هُوَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ مَالِهِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاهَرَةِ وَالْمُغَالَبَةِ بِفِعْلٍ فِي الْمَالِ، وَقَالَ مُحَمَّد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْفِعْلُ فِي الْمَالِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وعرَّفه الشافعية بأنه: أَخْذ مالُ الغير على وجه التَّعدي. انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٤٣)، الاختيار (٣/ ٥٨)، روضة الطالبين (٥/ ٣)، مغني المحتاج (٣/ ٣٣٤).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) سقطت في (ع).
(٥) قال القدوري: (وإقرار المأذون بالديون والغصوب جائز). مختصره (ص: ١٤١)، وكذلك انظر: المبسوط للسرخسي (١٨/ ١٤٩).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣١٥)، فتح القدير (٩/ ٣١٥).
(٧) الْجِنْسُ لغةً: الضَرْب من الشيء، وهو أعمُّ من النوع. الصحاح مادة (ج ن س) (٣/ ٩١٥)، واصطلاحًا: مَا لَا يَكُونُ بَيْنَ أَفْرَادِهِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَرَضِ مِنْهُ. انظر: مجلة الأحكام العدلية (١/ ٣٢).
(٨) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣١٥)، حاشية الشلبي (٥/ ٢٢١).
(٩) سقطت في (أ).
(١٠) الْجِنَايَةُ لغةً: مَا تَجْنِيهِ مِنْ شَرٍّ. المغرب مادة (ج ن ي) (ص: ٩٤). واصطلاحًا: فِعل حِلٍّ في النِّفْسِ أو الطَرَف، وقال شيخ الإسلام: الجِنايَة على النَّفس يُسمى قَتلًا، وفيما دون النفس قطعًا وجرحًا. البناية شرح الهداية (١٣/ ٦٢)، البحر الرائق (٨/ ٣٢٦)، أنيس الفقهاء (ص: ١٠٨).
(١١) الدِّيةُ لغةً: حَقُّ القَتِيل، وَقَدْ ودَيْتُه وَدْيًا. لسان العرب مادة (و د ي) (١٥/ ٣٨٣) وشرعًا: اسم لضمان تجب بمقابلة الآدمي أو طرف منه. البناية شرح الهداية (١٣/ ١٦٠)، تبيين الحقائق (٦/ ١٦١).
(١٢) المباح: ما لا يَسْتَحق المكلف بفعله ثوابًا، ولا بتركه عقابًا. الفصول في الأصول (٣/ ٢٤٧)، البرهان في أصول الفقه (١/ ١٠٨)، قواطع الأدلة (٢/ ٥٢).
(١٣) الصِّرْفُ: الْخَالِصُ. المغرب مادة (ص ر ف) (ص: ٢٦٦).
(١٤) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٦٨)، فتح القدير (٩/ ٣١٦).