للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[اقامة الشهر مقام الحيض]]

وَالْإِقَامَةُ فِي حَقِّ الْحَيْضِ أي: إقامة الشّهر مقام الحيض في حق الحيض خاصّة، لا في حقّ الحيض والطّهر، وهو احتراز عن ظن بعض أصحابنا (١).

وفي «المبسوط»: وقد ظن بعض أصحابنا أنّ الشّهر في حق التي لا تحيض بمنزلة الحيض والطّهر في حقّ التي تحيض، وليس كذلك، بل الشّهر في حقها بمنزلة الحيض في حقّ التي تحيض حتّى يتقدّر به الاستبراء (٢) (٣)،] ولو كانت الإقامة باعتبارهما لكان ينبغي أن يقدر الاستبراء بعشرة؛ لأنّه أكثر الحيض (٤) ويفصل به بين طلاقي السنّة؛ وهذا لأنّ المعتبر في حقّ ذوات القرء الحيض، ولكن لا يتصوّر تجدّد الحيض إلا بتحلل الطّهر، وفي الشّهور يتقدم هذا المعنى، فكان الشّهر قايمًا مقام ما هو المعتبر (٥).

فإن قلت: في أيّ موضع يظهر ثمرة اختلاف بعض أصحابنا في أنّ الشّهر قائم مقام الحيض والطّهر، وعند غيرهم في حقّ الحيض خاصة.

قلت: في حق إلزام الحجّة (٦)، فإنّهم لما اجتمعوا على أنّ الاستبراء يكتفى بالحيض لا غير، من غير توقف إلى الطّهر والشّهر قائم مقامه في حقّ التي لا تحيض، علمنا أنّ الشّهر قائم مقام الحيض لا غير؛ لأنّ الخلف إنّما يعمل فيما يعمل فيه الأصل، واشتراط الحيض مع الطّهر في ثلاث حيض إنّما كان ليتحقّق عدد الثلاثة، لا لذات الطّهر على ما ذكر في «المبسوط» (٧) ولو كان لذاته لا يشترط فيما لا يشترط فيه العدد من الحيض، فكانوا محجوجين؛ لما قلنا من أثر العلة تعبير الشّهور بالأهلة سواء كانت ناقصة أو كاملة، وإن كان في وسطه أي: وَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِهِ فَبِالْأَيَّامِ فِي حَقِّ التَّفْرِيقِ بَيْنَ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ، وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا بِالِاتِّفَاقِ (٨)، وَفِي حَقِّ الْعِدَّةِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (٩) -رحمه الله- أي: يعتبر جميع ثلاثة أشهر بالأيّام، ولا يحكم بانقضاء عدّتها إلا بتمام تسعين يومًا، من حين طلّقها - كذا في «المبسوط» (١٠) - ويجوز أن يطلّقها، ولا يفصل بين وطئها وطلاقها بزمان، قال شمس الأئمة الحلواني (١١) [٣٢٢/ ب]-رحمه الله- وكان شيخاً -رحمه الله- يقول: (١٢) هذا إذا كانت صغيرة لا يرجى منها الحيضوالحبل (١٣)، وأمّا إذا كانت صغيرة يرجى منها الحيض والحبل فالأفضل أن يفصل بين جماعها وطلاقها بشهر (١٤) - كذا في «المبسوط» (١٥) - ولكن يكثر من وجه آخر.


(١) البناية شرح الهداية (٥/ ٢٨٨).
(٢) هُوَ طلب بَرَاءَة رحم الزوجة و الْجَارِيَة الْمَمْلُوكَة من الْحمل (قواعد الفقه (ص: ١٧٠)
(٣) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢)
(٤) سقط من (ب).
(٥) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢).
(٦) هي الْبُرْهَانُ و (حَاجَّهُ فَحَجَّهُ) مِنْ بَابِ رَدَّ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ. انظر: مختار الصحاح (ص: ٦٧).
(٧) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٣)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٥٩).
(٩) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١٣)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٥٩).
(١٠) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٢).
(١١) عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح، شمس الأئمة الحلواني إمام الحنفية في وقته ببخارى صاحب المبسوط تَفقَّه بِالقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن الخَضِر النسفِي. وحدَّث عن أبي عبد الله غُنجار وتفقه على جماعة. توفي سنة ثمان، أوتسع وأربعين وأربعمائة بـ"كَشّ" ودفن ببخارى. انظر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ١٨٩)، سير أعلام النبلاء (١٨/ ١٧٧)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣١٨).
(١٢) المقصود هنا زفر رحمه الله. ينظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (٢/ ٣٢).
(١٣) الحُبلى: الحامل. يُنْظَر: معجم ديوان الأدب (٢/ ٦).
(١٤) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٠٠)، والعناية شرح الهداية (٣/ ٤٧٦).
(١٥) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٥).