للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حكم السرداب تحت المسجد]]

(ومن جعل مسجدًا تحته سِرداب) بكسر السين، وهو معرَّب من "سَرداب"، وهو بيت يتّخذ تحت الأرض للتّبريد.

(فله أن يبيعه) أي: لا يكون مسجدًا، وهو ظاهر الرّواية (١) لأنّ المسجد ما يكون خالصًا لله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: ١٨]. أضاف المساجد إلى ذاته مع أنّ جميع الأماكن له، فاقتضى ذلك خلوصُ المساجد لله تعالى، ومع بقاء حقّ العباد في أسفله أوفي أعلاه لا يتحقّق الخلوص. أمّا إذا كان السّفل مسجدًافلأنّ لصاحب العلو [حقًا] (٢) في السفل حتّى لا يكون لصاحب السّفل أنْ يحدث فيه بناء مِن غير رضا صاحب العلو. وأمّا إذا جعل العلو مسجدًافلأنّأرض العلو ملك لصاحب السّفل بخلاف مسجد بيت المقدس؛ لأن ثَمّة السرداب ليس بمملوك لأحد بل هو للعامّة، وما يكون للعامّة يكون لله تعالى ليس لغيره اختصاص به. أمّا إذا كان السّرداب مملوكًا لا يتحقّق الخلوص، وإذا لم يصِر مسجدًا كان له أنْ يبيعه.

وعن بعضهم: إن كان العلو مسجدًا والسّفل حوانيت موقوفة على المسجد أو على القلب لا بأس بهلأنّ الكلّ منقطع عن حقوق العباد. واختلف في اتّخاذ المسجد وتحته حوض للعامة على قول من يجوِّز اتخاذ العلو مسجدًا فلم يجوِّزه بعضهم قياسًا على الحوض الخاصّ، وجوَّزه بعضهم كما لوحفر في المسجد (٣) بئرًا للاستقاء. والصحيح أنّه يجوز ذلك إلا أنه إنْ سبق اتّخاذ المسجد، فهو مسجد؛ وإن سبق اتّخاذ الحوض فالمسجد مستعار (٤)؛ كذا في الجامع الصغير لقاضي خان والتمرتاشي.

(وعلى ظهره مسكن) أي: على سطحه بدليل تعليل هذه المسألة، وتعليل ما يقابِلها حيث علّل بالسّفل والعلو والفَوق، وذلك إنّما يتحقّق في السّطح لا في جانب الظهر بمعنى الخلف.

(وعن محمّد على عكس هذا) أي: إذا جعل العلو مسجدًا صحّ، وإذا (٥) جعل السّفل مسجدًا … (٦) (٧).

قوله: (وعن أبي يوسف جوّز في الوجْهين وعن محمّد أجاز ذلك كلّه (٨)، وإنّما أعاد ذكر قول محمّد بهذا الطّريق ولم يقُلْ: وعن أبي يوسف ومحمد … مع أنّ هذين القولين منهما لم يصحّ سواء، ليتهيّأ له ما ذَكر لكلِّ واحد منهما مِن دخول مخصوص في مصر مخصوص، إذ في الحكْم (٩) في غير الدُّخول (١٠) هذا اللفظ يلتبس (١١) الدّخول بالإسناد (١٢) ولأنَّه ذكر زيادة التّعميم بلفظ الكلّ في قول محمّد.


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١٢/ ٩٤).
(٢) ساقط من (أ).
(٣) ساقط من (ب)،
(٤) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ٤٥٥).
(٥) في (ب) "وإن".
(٦) في (أ) غير واضح، وفي (ب) "لم يصح".
(٧) وعن محمد قال: إن جعل السفل مسجدا، جاز، وإن جعل العلو مسجدًا دون السفل: لا يجوز. المبسوط للسرخسي (١٢/ ٩٤).
(٨) المرجع السابق.
(٩) ساقط من (ب).
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) في (ب) "تلبيس".
(١٢) في (ب) "في الإسناد".