للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: [العامل] (١) فيما بين الناس يكون البذر من أحدهما، والباقي من الآخر في عقد المزارعة ظاهر (٢)، ولو فسد هذا يقع الناس في الحرج [فما والحيلة] (٣) في تجويزه، وكذلك لو كان البقر من أحدهما والباقي من الآخر تعامل ظاهر.

قلت: الحيلة هي ما ذكره في «الذخيرة» محالاً إلى النوازل (٤). [إلى هذا أشار في الفصل الثاني من مزارعة «الذخيرة» و «الجامع الصغير» لفخر الإسلام (٥) (٦) /.

يقال (٧) رجل له أرض أراد أن يأخذ بذرًا من رجل ويزرعها ويكون الزرع بينهما، فإن الحيل في ذلك أن يشتري نصف البذر منه، ويبرئه البائع من الثمن، ثم يقول له: ازرعها بالبذر كله على أن الخارج بيننا نصفان؛ لأن البذر إذا كان مشتركًا بينهما فالخارج يخرج من محل مشترك بينهما، فيكون بينهما بدون الشرط، فمع الشرط أولى.

وأما الحيلة فيما إذا كان البقر من أحدهما، فرواية أبي يوسف فيه بالجواز (٨).

[بيان المدة]

ولا تصح المزارعة إلا على مدة معلومة لما بينا، أراد به قوله في بيان شروط المزارعة: (والثالث: بيان المدة؛ لأنه عقد على منافع الأرض) إلى آخره.

فصار كما إذا شرطا دفع الخراج والأرض خراجية، أي: لا يجوز هذا، فكذا هنا.

اعلم أن هذا الذي ذكره من مسألة الخراج فيما إذا كان الخراج خراج وظيفة؛ بأن يكون دراهم مسماة بحسب الخارج، أو قفزانًا مسماة، وهو لا يجوز؛ لأن الأرض ربما لا تخرج إلا ذلك المقدار، فكان هذا الشرط قاطعًا للشركة، وأما إذا كان الخراج خراج مقاسمة، وهو جزء من الخراج مشاعًا نحو الثلث أو الربع لا تفسد المزارعة بهذا الشرط. كذا في «الذخيرة» (٩).

بخلاف ما إذا شرط صاحب البذر عشر الخارج لنفسه، وهذا هو الحيلة في أن يجوز دفع صاحب البذر بذره، وطريق ذلك هو أن ينظر أن مثل هذه الأرض لم تخرج من مثل هذا القدر من البذر، فإن كانت تخرج عشرة أكرار (١٠)، والبذر كر يشترط لنفسه عشر الخارج والباقي بينهما، وإن كانت تخرج أربعة أكرار، والبذر كر يشترط لنفسه ربع الخارج والباقي بينهما، فتجوز المزارعة، ويحصل لرب البذر (١١) مقصوده. كذا في «الذخيرة» (١٢)؛ لأنه معين، أي: معلوم الماذيانات -جمع الماذيان- وهو أصغر من النهر وأعظم من الجدول، فارسي معرب (١٣).


(١) زيادة من: (ع).
(٢) في (ع): «فاسد».
(٣) في (ع): «فما الحيلة».
(٤) هو: النوازل في الفروع، للإمام أبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي (تـ ٣٧٦ هـ). ينظر: كشف الظنون: ٢/ ١٩٨١.
(٥) ينظر: البحر الرائق: ٨/ ١٨٢.
(٦) ساقطة من: (ع).
(٧) في (ع): «فقال».
(٨) ينظر: البناية: ١١/ ٤٨٨.
(٩) ينظر: العناية: ٩/ ٤٦٩، البناية: ١١/ ٤٩٠.
(١٠) جمع (كُر) وهو ٦٠ قفيزًا، والقفيز: ٨ مكاكيك، والمكُّوك: صاع ونصف، ينظر: الفائق في غريب الحديث، للزمخشري ٣/ ٢٥٨.
(١١) في (ع): «الأرض».
(١٢) ينظر: العناية: ٩/ ٤٦٩، البناية: ١١/ ٤٩٠.
(١٣) ينظر: المغرب: ص ٤٣٨.