للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَجْهُهُ هُوَ أَنَّ ارْتِهَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاقٍ مَا لَمْ يَصِلْ الرَّهْنُ إِلَى الرَّاهِنِ [لِمَا] (١) ذَكَرَ فِيْ الْكِتَابِ (٢): أَنَّ (كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيْ نَوْبَتِهِ كَالْعَدْلِ فِيْ حَقِّ الْآخَرِ) (٣)، وذَكَر فِيْ "الْمَبْسُوْطِ": [وَإِنْ] (٤) تَلَفَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ اسْتَرَدَّ مِنْ الَّذِيْ قَضَاهُ مَا أَعْطَى؛ لِأَنَّ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ مِنْ {نِصْفِ} (٥) مَالِيَّةِ الرَّهْنِ، فَإِنَّ فِيْ الرَّهْنِ وَفَاءٌ بِدَيْنِهِمَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَابِضَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مَرَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَه ثَانِيًا، وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنْ بِاسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ يَتَقَرَّرُ حُكْمُ ضَمَانِ [الرَّهْنِ] (٦) وَلَا يَبْطُلُ مِا لَمْ يَعُدْ الرَّهْنُ إِلَى يَدِ الرَّاهِنِ (٧).

[ادَّعى رَجُلان كل واحد منهما على رَجُل واحدٍ أنَّه رهنه عبده الذي في يده]

(وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ رَهَنَ عَبْدَهُ الَّذِيْ فِيْ يَدِهِ وَقَبَضَهُ: فَهُوَ بَاطِلٌ) (٨).

وَصُوْرَةُ الْمَسْأَلَةِ: هِيَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ فِيْ يَدِ رَجُلٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِ الْيَدْ: إِنَّكَ رَهَنْتَنِيْ عَبْدَكَ هَذَا لِدَيْنٍ لِيَ عَلَيْكَ، [فَإِنِّيْ] (٩) ارْتَهَنْتُ مِنْكَ وَقَبَضْتُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وِفْقِ دَعْوَاهُ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ ادَّعَى عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِيْ فِيْ يَدِهِ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِثْلَ مَا ادَّعَى الْمُدَّعِيْ الْأَوَّلُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ اْلْمُرْتَهِنَ اثْنَانِ وِالرَّاهِنُ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ لَمْ [يَثْبُتْ اتِّحَادُ] (١٠) عَقْدِ الرَّهْنِ فَلِذَلِكَ بَطَلَ هَاهُنَا، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (١١).


(١) في (ب): (كَمَا).
(٢) الكتاب: الْمُراد به هُنا "بداية المبتدي".
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٣).
(٤) في (ب): (فَإِنْ).
(٥) سقطت من (ب).
(٦) في (أ): (لِلرَّهْنِ).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٦٥)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٧١ - ١٧٢)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٥٣٠).
(٨) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٣٣).
(٩) في (أ): (فَأَنَا).
(١٠) في (ب): (يُثْبِتَا إِيْجَادُ).
(١١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٢٦)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١٨/ ١٠٤)، رد المحتار على الدر المختار (٦/ ٤٩٩).