كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

كتاب الرهن - [ادعى رجلان كل واحد منهما على رجل واحد أنه رهنه عبده الذي في يده] - ج: 23 - ص: 361

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوْبِيُّ: لَمْ يَذْكُرْ الْاسْتِحْسَانَ هَاهُنَا، إِنَّمَا ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا، عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ (١).

وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ، أَوْ [وُقِّتَتْ] (٢) بَيِّنةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهُوَ رَهْنٌ لِأَوَّلِهِمَا وَقْتًا، لِأَنَّهُ أَثْبَتَ حَقَّهُ بِعَقْدٍ تَامٍّ فِيْ وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيْهِ صَاحِبُهُ، وَثُبُوْتُ حَقِّهِ فِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ يَمْنَعُ ثُبُوْتَ حَقِّ الثَّانِيْ بَعْدَهُ، مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْأَوَّلِ بِالْفِكَاكِ (٣).

وَإِنْ كَانَ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ؛ [لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ] (٤) مِنْ الْقَبْضِ دَلِيْلُ سَبْقِ عَقْدِهِ فَهُوَ أَوْلَى، كَمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، أَوْ ادَّعَى كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِرَاءَ عَيْنٍ [وَأَقَامَا] (٥) الْبَيِّنَةَ، وَالْعَيْنُ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَوْلَى، إِلَّا أَنْ يُقِيْمَ الآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ الْأَوَّلُ، فَحِيْنَئِذٍ شُهُوْدُهُ صَرَّحُوْا [بِسَبْقِ] (٦) تَارِيْخِ عَقْدِهِ، وَالتَّارِيْخُ الْمَنْصُوْصُ عَلَيْهِ يَتَرَجَّحُ عَلَى التَّارِيْخِ الْمَدْلُوْلِ عَلَيْهِ (٧) (٨).

---

(١) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٢٦ - ١١٢٧).
(٢) في (ب): (وَقْتُ).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٢٧)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٧٩)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٢٩٠).
(٤) في (ب): (لِأَنَّهُ يُمَكِّنُهُ).
(٥) في (ب): (فَأَقَامَا).
(٦) في (أ): (سَبْقَ).
(٧) التّاريخُ الْمًنْصُوْصُ عَلَيْهِ يترَجَّحُ عًلًى التّارِيْخِ الْمَدْلُوْلِ عَلَيْهِ: قاعدة فقهية، معناها: أن تاريخ البيِّنة المعيَّن تحديدًا مقدَّم على تاريخ بيِّنةٍ أُخرى دِلَالةً دون تعيين، عند التعارض، ومثالها: ما ذُكِرَ مِن أنَّه إذا اختلف اثنان في استحقاق رَهْن عَيْنٍ، وكانت هذه العَيْن المرهونة في يَدِ أحدهما، فإذا صرَّح شهود الخارج بِسَبْق تاريخ عقْدِه وبما يوجب استحقاق اليد له على ذي اليَدِ فهو أولى من ذي اليَدِ ومقدَّم عليه؛ للنّصِّ على تقدُّم تاريخ استحقاقه لِقَبْض المرهون، وَلِأنّ بيِّنتَه نصَّت على تاريخٍ متقدِّم، واليَدُ دِلالة، والنَّصُّ مقدَّم على الدِّلالة. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (٢/ ١٦٧).
(٨) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ١٢٧)، العناية شرح الهداية (١٠/ ١٧٢)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٦/ ٧٩).