للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المبسوط» (١) (وإذا حابى العبد في مرضه، ولا دين عليه ثم مات فالمحاباة جائزة؛ وإن كان عليه دين بقي ماله بالدين و (٢) لم يفِ ماله بالدين لم تجز المحاباة؛ لأن كسبه حق غرمائه، ولم يوجد منهم الرضا بتصرفه ومحاباته، فهو في حقهم بمنزلة الحر المريض).

(لأن الاقتصار على الثلث في الحر لحقِّ الورثة، ولا وارث للعبد).

[[إقرار المأذون المريض ملحق بالحر]]

فإن قلتَ: هذا التعليل ينتقض في إقرار العبد المأذون المريض؛ فإنه مُلحق بالحر في إقراره بالدين، حتى إذا كان عليه دَين في الصَّحة، وأقرَّ بدين في حال مرضه بُدِيَ بدين الصحة، كما في حق الحر المريض إذا أقرَّ بدين أو عين، مع أن الحر والعبد يفترقان في حق الدين أيضًا؛ وذلك لأن الحكم في حق الحر يتغير بمرضه، من حيث تعلق حق الغرماء والورثة بماله، وذلك لا يوجد في حق العبد؛ فإن الدين الذي في صحته كان مُتعلقًا بكسبه في (٣) مالية رقبته قبل مرضه؛ فكذلك بعد مرضه فينبغي أن يٌسوَّى بين ما أقر به في الصحة وبين ما أقرَّ به في المرض، كما في المحاباة.

[[جواز المحاباة في صحة العبد ومرضه بخلاف الحر]]

قلتُ: ذَكَر مثل هذه الشُبهة في «المبسوط» (٤) ثم قال: (قلنا: نعم كذلك؛ ولكن انفكاك الحجر بالإذن فرع انفكاك الحجر عنه بالعتق؛ والفرع يلحق بالأصل في حكمه (٥)، وإن لم توجد فيه علته (٦)؛ لأنه مَنَع ثبوت الحكم في البيع بثبوته في الأصل)؛ ولكن يرد على هذا مسألة المحاباة، حيث لم يثبت الحكم هناك على وفاق التبعية، بل استوى حكم المحاباة في صحة العبد ومرضه في الجواز بخلاف الحر؛ وإنما كان هكذا (لأنه إذا حابى العبد في مرضه ولا دين عليه ثم مات فالمحاباة جائزة، لأنَّ كسبه لمولاه والموْلَى راض بتصرفه وهو الذي سلَّطه على هذه المحاباة، بخلاف الحر فإن ماله لورثته بعد موته، ولم يوجد منهم الرضا لمحاباته، وكان معتبرًا من ثلث ماله).


(١) للسرخسي (٢٦/ ٥٦).
(٢) في (أ) (أو) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٦/ ٥٦).
(٣) في (أ) (و) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٦/ ٥٥).
(٤) المبسوط للسرخسي (٢٦/ ٥٥).
(٥) يشير إلى قاعدة: (التَّابِعُ تَابِعٌ) انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١١٧)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ١٠٢).
(٦) انظر: الفصول في الأصول (٤/ ١٨٧)، أصول السرخسي (٢/ ١٦٠).