للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لأنه متبرع بجعل ثواب عمله لأحدهما) إلى آخره.

والله أعلم بالصواب.

بَابُ الهدي

لمّا كثر دَور لفظ الهدي فيما تقدم من المسائل نسكًا، وجزاء، ومؤنة احتاج إلى بيان الهدي، وما يتعلق به من المسائل فلما لم يخلُ وجوبه عن أحد هذه الأشياء؛ أخر ذكره عن ذكر هذه الأشياء، وقد بيّنا المعنى فيما سبق، وهو قوله بعد ذكر رواية ابن عباس:

(ولأن الجنابة أغلظ من الحدث)، وقال: (أو لأنه أعلى أنواع الارتفاق، فَيتغلّظ موجبه).

(ويجوزُ الأكلُ منْ هدي التطوع).

[ما يجوز في الهدايا وما لا يجوز]

أي: للمُهدي، وللأغنياء أما للأغنياء، فيجوز لهم الأكل (١) من جميع الهدايا هذا إذا ذبح هدي التطوع في محله، وهو مكة. وأما إذا ذبحه في الطريق، أو عطب لا يجوز له الأكل من هدي التطوع، فيجوز من هدي الواجب على ما يجيء بعد هذا في الكتاب.

وذكر في «مبسوط شيخ الإسلام» (٢): ونوع من الهدايا لا يجوز الأكل منها، وهي دماءالكفارات، والنذور، وهدي الإِحْصَار، وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله.

(ويستحب له أن يأكل منها).

لقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} (٣)، وأدنى ما يثبت بالأمر هو الاستحباب، ولا ينبغي له أن يتصدق بأقل من الثلث، كذا في «المبسوط» (٤).

("لا تأكل أنت ورفقتك منها شيئًا").

وإنما نهاه، ورفقاؤه أن يتناولوا منها؛ لأنه كان غنيًا مع رفقته، كذا في «المبسوط» (٥)، ولأنه دم نسك حتى يباح التناول منه كالأضحية.

وهو من أسباب التحلل في أوانه كالحلق فلذلك متوقت بيوم النحر.

(ولا يجبُ التعريف).

وقد ذكرنا أن التعريف له معانِ التشبه بأهل عرفة في غيرها من المواضع، والذهاب بالهدايا إلى عرفة.

(وتعريف الهدايا) أي: إعلامها بعلامة مثل التقليد، والإشعار، وكل هذا ليس بواجب، ثُمَّ هاهنا يحتمل أن يراد به الثاني (٦) بدلالةٍ.

قوله: (فعسى ألا يجدَ منْ يَمسِكُه، فَيحتاج إلى أنْ يُعرف به).


(١) أي في النوع الذي يجوز لصاحبه الأكل منه، وهو دم المتعة، والقران، والأضحية، وهدي التطوع إذا بلغ محله، والنوع الذي لايجوز هو: دم النذر، والكفارات، والإحصار.
انظر: الخانية (٢/ ٣٠١)، البحر عنها (٣/ ٦٣)، شرح اللباب ص (٣٠٧).
(٢) انظر المبسوط للشيباني (٢/ ٤٣٤)، العناية شرح الهداية (٣/ ١٦١).
(٣) سورة الحج من الآية (٣٦).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ١٤١).
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ١٤٥).
(٦) في (ب، ج): الأخير.