للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ فِي "فتاوى قاضي خان": (وَكَمَا فَرَغَ مِنَ التَّكْبِيرِ، يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ السُّرَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَتَكْبِيرَاتِ الْجَنَازَةِ، وَالْقُنُوتِ، وَيُرْسِلُ فِي الْقَوْمَةِ بَيْنَ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ) (١) وَفِي "التَّجْنِيسِ" الْمُصَلِّي إِذَا تَحَرَّمَ لِلصَّلَاةِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ لَا يُرْسِلْهُمَا، ثُمَّ يَضَعُ؛ بَلْ يَضَعُ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ إِرْسَالٍ؛ لِأَنَّ هَذَا قِيَامٌ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ، (بِخِلَافِ مَا بَيْنَ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ؛ فَإِنَّ الْمُخْتَارَ فِيهِ هُوَ الْإِرْسَالُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ) (٢).

[دُعاءُ الاستفتاح]

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ).

سُبْحَانَ؛ عَلَمٌ لِلتَّسْبِيحِ، لَا يُصْرَفُ وَلَا/ يَتَصَرَّفُ (٣)، وَإِنَّمَا يَكُونُ مَنْصُوباً عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ: (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ) مَعْنَاهُ: سَبَّحْتُكَ بِجَمِيعِ آلَائِكَ، وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ. كَذَا فِي "المغرب" (٤).

فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ كَانَ سُبْحَان عَلَماً لِلتَّسْبِيحِ؛ لَمَا أُضِيفَ فِي قَوْلِهِمْ: سُبْحَانَكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ إِذِ الْعَلَمُ لَا يُضَافُ؛ اللَّهُمَّ إِلَّا إنْ كَانَ مُؤَّلاً؛ بِوَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسِ، قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ [الْجِنْدِيُّ] (٥) فِي الْإِقْلِيدِ (٦) أَنَّ سُبْحَانَ؛ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَماً إِذَا لَمْ يَجِئْ مُضَافاً؛ أَمَّا إِذَا أُضِيفَ فَلَا؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَا يُضَافُ، وَاسْتِعْمَالُهُ مُفْرَداً غَيْرُ مُضَافٍ قَلِيلٌ.

وَفِي "الْمَبْسُوطِ ": (جَاءَ عَنِ الضَّحَّاكِ (٧) فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} (٨) أَنَّه قَوْلُ الْمُصَلِّي عِنْدَ الافْتِتَاحِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ (٩) وَرَوَى هَذَا الذِّكْرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنهم- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ (١٠) وَلَمْ يَذْكُرْ: وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِي الْمَشَاهِيرِ) (١١).


(١) "فتاوى قاضي خان" (ص ١٠٨).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (لا ينصرف).
(٤) " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (١/ ٣٧٨ - ٣٧٩)
(٥) زيادة من (ب).
(٦) الاقليد شرح المفصل تأليف تاج الدين أحمد بن محمود بن عمر الجندي المتوفى سنة ٧٠٠ هـ، تحقيق الدكتور محمود أحمد على أبو كتة الدراويش، رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام ٢٠٠٢ م.
(٧) الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ الهِلَالِيُّ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقِيْلَ: أَبُو القَاسِمِ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ). كَانَ مِنْ أَوعِيَةِ العِلْمِ، وَلَيْسَ بِالمُجَوِّدِ لِحَدِيْثِهِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي نَفْسِهِ، حدث عن: ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن عمر، وأنس بن مالك. وعن: الأسود، وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاووس، وطائفة. وبعضهم يقول: لم يلق ابن عباس - توفي سنة ١٠٥ هـ. انظر "التاريخ الكبير للبخاري" (٤/ ٣٣٢)، "تاريخ الإسلام للذهبي" (٣/ ٦٤)، "سير أعلام النبلاء للذهبي" (٤/ ٥٩٩).
(٨) سورة الطور: (٤٨).
(٩) ينظر: "تفسير الطبري" (٢١/ ٦٠٦).
(١٠) أخرجه الترمذي في"سننه" (١/ ٣٢٣ - ٣٢٤)، كتاب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، حديث (٢٤٢)، و ضعفه الترمذي ثم قال: (وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث.)، كما أخرجه مسلم في "صحيحه" موقوفًا علي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (ص ١٧١)، كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، حديث (٣٩٩).
(١١) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٢).