للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[جواز استعانة الغاصب بالغلة إذا هلك العبد في يده]]

(فلو هلك العبد في يد الغاصب حتّى ضَمِنَهُ، له أن يستعين بالغلة في أداء الضمان)؛ لأنها مِلْكه؛ (لأن الخَبَث لأجل المالك)، هذا جواب سؤال ذُكر ذلك السؤال والجواب (١) في «المبسوط» (٢) وقال: (فإن قيل: القيمة دَين في ذمته- وهذه الغلة ملكه، ولكن هي واجب التصدق لخبثها-، ومن قضى دينه بمال الصدقة كان عليه أن يتصدق بمثله قلنا: نعم، ولكن التصدق/ بهذا لم يكن حتمًا عليه، ألا ترى أنّه لو سلّم الغلّة إلى المالك مع العبد كان للمالك أن يتناول ذلك، وليس على الغاصب شيء آخر، فهو بما صنع يصير مُسْلِمًا إلى المالك، ثم يصير المالك مُبرَّئًا عن ذلك القدر من القيمة بما يقبضه فيزول الخبث بهذا الطريق، فلا يلزمه التصدّق بعوضه).

[[عدم جواز استعانة الغاصب بالغلة إذا هلك العبد في يد المشتري]]

(بخلاف ما إذا باعه فهلك في يد المشتري) إلى آخره معناه: إذا باع الغاصبُ العبدَ المغصوب، ثم هلك في يد المشتري، (ثم اُسْتُحقَّ) فأدَّى المشتري القيمةَ إلى المالك، ثم رجع المشتري على الغاصب بالثمن؛ فإنّ البائع لا يَستعين بما استغلَّه قبل البيع في أداء الثمن، وَوَضَع المسألة في «المبسوط» (٣) في الدابة فقال: (وإن كان الغاصب باع الدّابة وأخذ ثمنها فاستهلكه، وماتت الدابة عند المشتري فضمَّن ربُ الدابة المشتري قيمتَها رجع المشتري على الغاصب بالثمن؛ لبطلان البيع باسترداد القيمة منه، ثم لا يستعين الغاصب بالغلة في أداء الثمن؛ لأن الخبثَ بالغلة ما كان لحق المشتري، فلا يزول بالوصول إلى يده، بخلاف الأوّل؛ فإنّ الخبث لحق المالك، فيزول الخبث بوصول الغلة إلى يده).

[[جواز استعانة الغاصب الفقير بالغلة إذا هلك العبد في يد المشتري]]

وقوله: (ليس له) أي: ليس للغاصب (إلا إذا كان لا يجد) أي: الغاصب إذا كان فقيرًا (لا يجد غيره) أي: غير الغَّلة بتأويل الأجر، أو مال الغلة، أو الحاصل بالاستغلال (٤) (لأنه محتاج إليه) فلمَّا كان هو محتاجًا صار هو كسائر الفقراء، وحاجته في ملكه الذي هو مستحق الصرف إلى الفقراء مُقدَّمة على حق سائر الفقراء؛ لأنه فقير كسائر الفقراء (٥) فرجحانه باعتبار أنها ملكه، وإن كان فيها نوع خبث وكان هو أولى من غيره (٦) (وقت الاستعمال (٧) أي: وقت استهلاك الثمن، وفي «المبسوط» (٨) (فإذا أصاب بعد ذلك مالًا تَصدَّق بمثله إن كان استهلك الثمن [يوم استهلكه] (٩) وهو [غني عنه] (١٠)، فإن كان محتاجًا يوم استهلك الثمن لم يكن عليه أن يتصدق بشيء من ذلك؛ لأنّ وجوب الضمان عليه باعتبار إهلاكه الثمن، ولو استهلك الغَلة مكان الثمن، فإن كان محتاجًا فليس عليه أن يتصدّق بشيء منه، وإن كان غنيًّا فعليه أن يتصدّق بمثله، فكذلك في استهلاكه الثمن؛ وإنّما قلنا ذلك؛ لأن حق الفقراء في هذا المال (١١) بمنزلة حقّهم في اللُّقَطَة، على معنى أن له أن يتصدّق، وله أن يردّه على مالكه إن شاء- أي: له أن ينتظر إلى أن يوجد مالكه- ثم الملتقط إذا كان محتاجًا فله أن يَصرف اللقطة إلى حاجة نفسه، بخلاف ما إذا كان غنيًّا، فكذلك حكم هذه الغلة).


(١) سقطت في (أ).
(٢) للسرخسي (١١/ ٧٧).
(٣) للسرخسي (١١/ ٧٧).
(٤) في (ع): (بالاستهلاك).
(٥) في (ع): زيادة (لأنه).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٣٠)، البحر الرائق (٨/ ١٢٩).
(٧) في (ع): (الاستغلال) وما أثبت هو الصحيح. انظر: الهداية (٤/ ٢٩٨).
(٨) للسرخسي (١١/ ٧٧).
(٩) سقطت في (ع).
(١٠) سقطت في (أ).
(١١) سقطت في (أ).