للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[حكم السويق والسمن إذا اختلطا]]

وأما حكم السَّوِيق وَالسَّمْن في الاختلاط بغير فعل أحد، فقد ذكر في «الإيضاح» (١) أن السَّمْن لو اختلط بالسويق كان السويق بمنزلة الثوب، والسمن بمنزلة الصبغ؛ لأن السويق أصل والسمن كالتابع له، فإنه يقال: سَوِيقٌ مَلْتُوتٌ.

[[صبغ الثوب بالسواد]]

وأما العسل والسمن فكلاهما أصلان (سماه به) أي: سمى المثل بالقيمة بتأويل ما يقوم (لقيامه مقامه) أي: لقيام المثل مقام المغصوب (ولو صبغه أسود فهو نقصان عند أبي حنيفة (٢) - رحمه الله-) حتى (أنه إذا غصب ثوبًا فصبغه أسود فلصاحب الثوب أن يأخذه، ولا يعطيه شيئًا في قول أبي حنيفة-رحمه الله-: (وعندهما (٣): السواد كَالْحُمْرَة (٤) والصُفرة (٥) ولا اختلاف في الحقيقة، ولكنَّ أبا حنيفة- رحمه الله- أجاب على ما شاهد في عصره/ من عادة بَني أمية، وقد كانوا مُمتنعين من لُبْسِ السواد، وهما أجابا على ما شاهدا في عصرهما من عادة بني العباس بلُبْسِ السواد؛ وقد كان أبو يوسف- رحمه الله- يقول أولًا بقول أبي حنيفة، فلما قُلِّد القضاء، وأمر بلبس السواد احتاج إلى التزام مؤنة في ذلك فرجع، وقال: السواد زيادة، وقيل: السواد يزيد في قيمة بعض الثياب، ويُنقص من قيمة بعض الثياب كالغصب؛ فإن كان المغصوب ثوبًا يُنقص السواد في قيمته، فالجواب ما قاله أبو حنيفة- رحمه الله-: وإن كان ثوبًا يزيد السواد في قيمته، فالجواب ما قالا: إنه بمنزلة الحُمرة والصُفرة). كذا في «المبسوط» (٦).

(فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ ثوبه وخمسة دراهم) يعني: (يَنظر إلى قيمة الصبغ في ثوب يزيد فيه، فإن كان خمسة فلصاحب الثوب أن يأخذ ثوبه، ويأخذ خمسة دراهم من الغاصب أيضًا؛ لأنه استوجب عليه عشرة دراهم نقصان قيمة ثوبه، واستوجب الصَّبَّاغ عليه قيمة الصبغ خمسة، فالخمسة بالخمسة قِصاص، ويرجع عليه بما بقي من النقصان وهو خمسة، وهذا رواية هشام عن محمد (٧) - رحمه الله-). كذا في «المبسوط» (٨).


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٦١)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٤)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٢٨).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦١)، الاختيار (٣/ ٦٤).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٩١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦١).
(٤) الْحُمْرَةُ: لَوْنُ الْأَحْمَرِ. الصحاح مادة (ح م ر) (٢/ ٦٣٦).
(٥) الصُفْرَةُ: لون الأَصْفَرِ. الصحاح مادة (ص ف ر) (٢/ ٧١٤).
(٦) للسرخسي (١١/ ٨٥).
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٤)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣١).
(٨) للسرخسي (١١/ ٨٥).