للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وكذا بإيفائها، واستيفائها» (١)؛ أي: بإيفاء الحقوق واستيفائها.

«إلا في الحدود، والقصاص» (٢).

[في بطلان التوكيل باستيفاء الحقوق]

«فإن التَّوكيل باستيفاء الحدود باطل بالاتفاق؛ لأنَّ الوكيل قائم مقام الموكل، والحدود تندرئ بالشبهات، فلا يستوفى بما تقوم مقام الغير لما في ذلك من [ضرب] شبهة ألا ترى أنها لا تستوفي بكتاب القاضي إلى القاضي، والشهادة على الشهادة، وشهادة النساء مع الرجال، وكذلك التَّوكيل باستيفاء القصاص لا يجوز، ولا يستوفى في حال غيبة الُموكِل عندنا.

وعند الشافعي (٣) / [لا] (٤) يستوفيه الوكيل؛ لأنَّه محض حق العباد ومبنى حقوق العباد على الحفظ، والصيانة عليهم، فكان لصاحب القصاص أن لا يحضره بنفسه ويوكل باستيفائه دفعًا للضرر عن نفسه كسائر حقوقه؛ ولكنا نقول هذه عقوبة تندرئ بالشُبُهات، فلا يستوفي لما يقوم مقام الغير كالحدود، ولهذا لا يستوفي بكتاب القاضي إلى القاضي، وشهادة النساء مع الرجال، وكذلك التَّوكيل باستيفاء القصاص يوضحه أنَّه لو استوفى في حال غيبة المُوكِل كان استيفاء مع شبهة العفو لجواز أنْ يكون الموكل قد عفا بنفسه والوكيل لا يشعر به؛ ولهذا إذا كان الموكل حاضرًا يجوز للوكيل أنْ يستوفي؛ لأنه لا يتمكن فيه شبهة العفو، وقد يحتاج الموكل إلى ذلك إما لقلة هدايته في الاستيفاء، أو لأنَّ قلبه لا يحتمل ذلك فيجوز التَّوكيل بالاستيفاء عند حضرته استحساناً». كما في المبسوط (٥).

« … للندب الشرعي» (٦)؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٧).

«بخلاف غيبة الشاهد … » يعني يستوفي الحدود، والقصاص عند غيبة الشاهد؛ لأنَّ الشبهة في حقه الرجوع والظَّاهر في حق الشاهد عدم الرجوع إذ الصدق هو الأصل خصوصاً في حق العدول (٨).

«وبخلاف حالة الحضر» (٩)؛ أي: حضرة الموكل، أي: يجوز للوكيل أن يستوفي القصاص حال حضرة الموكل (١٠).


(١) الهداية (٣/ ١٣٦).
(٢) الهداية (٣/ ١٣٦).
(٣) ينظر: التهذيب في الفقه الشافعي، للبغوي (٤/ ٢١٠).
(٤) سقط من: «س».
(٥) المبسوط (١٩/ ٩).
(٦) تمامها في الهداية (٣/ ١٣٦): «وشبهة العفو ثابتة حال غيبة الموكل؛ بل هو الظاهر للندب الشرعي».
(٧) سورة البقرة، آية ٢٣٧.
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٥٠٥)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢١).
(٩) الهداية (٣/ ١٣٦).
(١٠) ينظر: فتح القدير لابن الهمام (٧/ ٥٠٤).