للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ (١)

لما ذَكَر (٢) إعتاق الكُل، ذكر في هذا الباب إعتاق البَعض؛ إما لأنَّ الجُزء يَتْبَع الكُل، فَيتبعه في الذِكرِ أيضاً، أو لأن إِعتَاق البعض بمنزلةِ العَوَارِضِ (٣)، لِقِلَّةِ وقُوعِهِ، فَأَخَّرَ ذكرَهُ عن ذكرِ الإعتاقِ الذي يَقعُ كثيرًا، أو لأن هذه المسألةَ مخُتَلَفٌ فيها، فَقَدَّم المُتَّفَق على المُخُّتلِفِ؛ لأن الأصلَ (٤) هو الاتفاقُ؛ لأنه مبنيٌ على اتحادِ القضايا العقليةِ والشرعية، والأصل هو الاتحاد في القضايا العَقلية والشرعِيَّة.


(١) العِتقُ: هو الخُرُوجُ من المَمْلُوكِيَّةِ الى الحُرية.
انظر: المغرب في ترتيب المُعرَب للمطرزي (١/ ٣٠٣)، وفي الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (٤/ ١٥٢٠)، (عتق). وفي عرف الفقهاء: قُوَّةٌ حُكمِيَّةٌ يَصِيرُ المَرءُ بها أَهلًا لِلشَّهَادةِ والوِلايَةِ والقَضاءِ. انظر: العناية شرح الهداية للبابرتي (٤/ ٤٢٩)، التعريفات للجرجاني (١/ ١٤٧).
(٢) "ذَكَرَ " الضمير يرجعُ إلى صاحب الهداية ظهير الدين المرغيناني. سبق ترجمته في المقدمة (ص ١٧).
(٣) الْعَوارض: جمع عرض والعرض هو: ما يطرَأ ويزُول من مرض ونَحوه.
انظر: المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة (٢/ ٥٩٤)، تاج العروس (١٨/ ٤٠١)، كلاهما (عرض).
(٤) الأصل: (أصل) الشَّيْء أساسه الَّذِي يقوم عَلَيْهِ. وهو ما يبتنى عليه غيره.
انظر: المعجم الوسيط (١/ ٢٠)، (أصل).
وفي عرف الفقهاء له أربعة معانٍ: "أحدها" الدليل كقولهم: أصل هذه المسألة الكتاب والسنة أي: دليلهما، ومنه أيضا أصول الفقه، أي: أدلته، "الثاني" الرجحان، كقولهم الأصل في الكلام الحقيقة، أي الراجح عند السامع هو الحقيقة لا المجاز، "الثالث" القاعدة المستمرة كقولهم إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، "الرابع" الصورة المقيس عليها على اختلاف مذكور في القياس في تفسير الأصل.
انظر: نهاية السول شرح منهاج الوصول (١/ ٨)، التحبير شرح التحرير (١/ ١٥٣).
والمعنى المناسب لتعريف كلمة (الأصل) هنا هو: الراجح، فيكون الأصل أي الراجح تقديم المتفق عليه وهو عتق الكل على المختلف فيه وهو عتق البعض.