للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الحَجّةُ المبرورةُ كفارةُ سبعينَ سنة» (١)، وفي الخبر «النظر إلى الكعبة بغير طواف، وبغير صلاة أفضل عند الله تعالى من عبادة سنة بصيام نهارها، وقيام ليلها» (٢)، وروي عن الحسن البصري -رحمه الله- «أن صوم يوم فيها يعدل بمائة ألف يوم، وتصدق درهم بمائة ألف درهم، وكذا كل حسنة تعدل بمائة

ألف» (٣)، والله أعلم.

بَابُ الإحرامِ

[فصلٌ] (٤) لما ذكر المواقيت شرعَ في بيانِ كيفيةِ الإحرامِ الذي يُفعل في تلك المواقيت، اعلم: أن المرء في أمور الحجّ يتبرأُ عن العقلِ، ويأتسي بالنقلِ (٥)؛ إذ أي عقل يهدي إلى أن لبس غير المخيط عبادة ذوي الحصافة، وودع نظافة الطيب عين النظافة، ولا (٦) إلى رمي جمار معدودة في أماكن محدودة من غير مرمي إليه يشار، ولا غير ظنين به يهادُ، فإنه يلبس لباس الأموات، ويصنع صنيع من لحقته الوفاة حيث لا يحلق رأسه، ولا يقلم أظفاره، ولا يقطع شاربه، ولا يزيل أوضاره، ولا يقضي شهوته، ولا يصطاد، ولا يرتاد (٧) قاتل ابنه، ولا يستاد يشير بذلك كله إلى أنه مات في سبيل الله تعالى لينال الموعود في قوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٨) الآية.


(١) ورد هذا الحديث بهذا النص وهو: " الحجة المبرورة ليس لها جزاء إلا الجنة، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " في كتاب السنن الكبرى للنسائي (٤/ ٦)، الحديث رقم ٣٥٨٨، بإخبار عبده بن عبدالله، حدثنا سويد بن عمرو الكلبي، حدثنا زهير ابن معاوية الجزري، حدثنا سهيل عن أبي صالح، عن أبي هريرة، كما ورد بنفس رواية أبي هريرة عند ابن حيان في الإحسان في تقريب صحيح ابن حيان لمحمد التميمي تحقيق شعيب الأرنؤوط، نشر مؤسسة الرسالة، بيروت ١٤٠٨ هـ ١٩٨٨ م، (٩/ ٩)، وفي المعجم الأوسط للطبراني (٢/ ٥١) برقم ١٢١٧، أما كفارة سبعين سنة فقد انفرد بها المؤلف.
(٢) ورد هذا الحديث في أخبار مكة للأزرقي بقوله: قال عثُمَّان أخبرني ياسين عن أبي الأشعث بن دينار، عن يونس بن خباب قال: " النظر الى الكعبة عبادة فيما سواها من الأرض، عبادة الصائم القائم الدائم الفائت "، (٢/ ٨)، كما ورد بنص آخر عند الأزرقي " النظر الى الكعبة عبادة، ودخول فيها حسنة، وخروج منها خروج من سيئة " (٢/ ٩)، كما ورد بنص أخر عند الأزرقي: " النظر الى الكعبة محض الإيمان " بقوله: حدثنا أبو الوليد حدثني جدي، حدثنا عثُمَّان، قال أخبرني ياسين، عن أبي بكر المدني عن عطاء، قال سمعت ابن عباس، (٢/ ٩)، كما ورد في بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي بنص: قال -صلى الله عليه وسلم-: " النظر إلى الكعبة عبادة "، (١/ ١٠٧).
(٣) انظر: أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (١/ ٢٤٢)، وذكره الفاكهي في "أخبار مكة" (٢/ ٢٧١) برقم: [١٥٠٧].
(٤) أثبته من (ج).
(٥) يتبرأ من العقل، ويأتسي بالنقل: أي يتبع ولا يبتدع، يتبع كل التعليمات ويقتدي بالرسول - -صلى الله عليه وسلم- - أقوالا وأفعالا وتقريراً، ولا يحاول أن يخضع ما يفعله للعقل لان العقل يتبع الهوى.
انظر: الإتحاف بحديث فضل الانصاف، (ص ٣٥٢).
(٦) ساقطة من (ج).
(٧) يرتاد: أي يبحث عن قاتل أبيه ليأخذ بالثأر.
انظر الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، مادة رود، (٤/ ٥٦).
(٨) سورة النساء من الآية (١٠٠).