للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الجامع الصغير» (١) لقاضي خان: (وقال أبو يوسف ومحمد (٢) -رحمهما الله- يضمن نقصان الحبل، ولا يضمن القيمة) يعني: في زنا الأمة.

فإن قلتَ: لم يَذكر في الكتاب، ولا في شروح «الجامع الصغير» المتداولة حكم الحدّ ههنا، ولا يمكن أن يقال: يَحتمل ألا يجب الحد فيما إذا زنى بأَمَةٍ غصبها لدخولها في ضمانه؛ لأنه صرّح في أواسط غصب «المبسوط» (٣) في تعليل مسألة: (رجل غصب من رجل جارية فوطئها فولدت) بأنَّ وَطْءَ الجارية المغصوبة يُوجب الحد على الغاصب دون العُقْر، ولا يمكن أيضًا أن يقال: فيجب الحد ههنا مع ضمان قيمتها؛ لأنه حينئذ يكون جمعًا بين الحد والضمان بسبب فعل واحد، فعندنا (٤) لا يجب الحد مع الضمان في الزنا، كما لا يجب القطع مع الضمان في السرقة على ما ذكرنا في كتاب الإكراه من «المبسوط» (٥) في مسألة إكراه السلطان رجلًا على الزنا بأنّ الحد والمهر لا يجتمعان عندنا.

[[لا يجب الحد مع الضمان]]

وكذلك في الأمة لا يجتمع الحد مع ضمان القيمة؛ فإنه أينما ضَمِن قيمتها لا يجب الحدّ؛ لأنه نص في الفصل الثامن من كتاب الحدود من «الذخيرة» (٦) إذا/ غصب جارية وزنى بها، ثم ماتت وضمن قيمتها فلا حدّ عليه عندهم جميعًا (٧) لأن ضمان الغصب يُفيد الملك في المضمون من وقت الغصب، فظهر أنّ ما استوفى كان من ملك نفسه فلا يجب الحد، أما لو زنى بها، ثم غصبها بعد ذلك ضَمِن قيمتها فعلى قول أبي حنيفة ومحمد (٨) - رحمهما الله- لا يسقط الحد، وعلى قياس قول أبي يوسف- رحمه الله- يسقط.

ثم في مسألتنا هذه وجب ضمان قيمتها على قول أبي حنيفة ينبغي ألا يجب الحد، فلمَّا كان كذلك لم يمكن إخراجكم هذه المسألة [على أحد هذين الوجهين الصغيرين اللذين دارا بين السلب والإيجاب، فما حكم هذه المسألة] (٩) في حق الحد بين مأجورٍ مصاحبٍ بالجبر موفورٍ، قلتُ: نعم؛ ما أوردت تعارض مقتضى (١٠) هذه المسائل لكن لولا وجود الغصب في هذه المسألة، لقلنا: بوجوب الحد، وضمان القيمة كما في مسألة: (من زنى بجارية فقتلها؛ فإنه يُحدّ، وعليه القيمة) معناه: [قتلها بفعل] (١١) الزنا على ما مرّ في باب الوطء الذي يوجب الحد من كتاب الحدود، ولكن اعتراض الغصب مَنَعَنَا من الإلحاق بها، فقلنا: أنه لا يجب الحد كما في مسألة «الذخيرة» (١٢) لما أن (١٣) ضمان الغصب يوجب الملك دون ضمان الجناية.


(١) انظر: مخطوط الجامع الصغير (٢/ ١٤٢/ أ)، فتاوى قاض خان (٣/ ١٢٠).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٠٧)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٤٦).
(٣) للسرخسي (١١/ ٧٠).
(٤) انظر: شرح الطحاوي للجصاص (٦/ ٢٩١)، المبسوط للسرخسي (٩/ ٥٣)، تحفة الفقهاء (٣/ ١٥٧).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٩٠).
(٦) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٦٢)، فتح القدير (٥/ ٢٧٧)، حاشية الشلبي (٣/ ١٨٦).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) انظر: فتح القدير (٥/ ٢٧٧)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٣٠)، حاشية الشلبي (٣/ ١٨٦).
(٩) في (ع): سقط نظر.
(١٠) في (أ): (مقتصر)
(١١) في (أ): (وقتلها يقول) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(١٢) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ٦٢)، حاشية الشلبي (٣/ ١٨٦).
(١٣) في (أ): (أو) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.