للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإذا استدانت المأذون لها أكثر من قيمتها) إلى آخره، وإنما وضع المسألة في أكثر من قيمتها لتظهر الفائدة في أن الموْلَى يَضمن قيمتها دون الزيادة على قيمتها، (إذ العادة ما جرت بتحصين المُدَبَّرة)، وبهذا وقع الفرق بينهما وبين ما إذا استولد المأذون لها، حيث يكون الاستيلاد حجرًا لها دون التدبير (ولا منافاة بين حكميها)؛ (لأن بالتدبير يثبت للمُدَبَّر حق العِتق، وحق العِتق وإن كان لا يزيد في انفكاك الحجر فلا يؤثر في الحجر عليه) كذا في «المبسوط» (١).

[[جواز إقرار المأذون بعد الحجر فيما في يده]]

(وإذا حجر على المأذون فإقراره جائز فيما في يده) إلى أن قال: (ومعناه: أن يُقِرَّ بما في يده أنه أمانة لغيره) وإنما احتاج إلى ذكر تأويل المسألة بقوله: (ومعناه)؛ لأن مطلق الإقرار بما في يده إنما يُفهم منه الغصوب والديون لا الأمانات، فذَكر بهذا أن معنى المسألة عام؛ فإنه كما يصح إقراره بما في يده في حق الغصوب والديون، فكذلك يصح في الأمانات؛ فلهذا المعنى قدَّم ذِكْر الأمانات لغيره على غيرها (٢).

ثم اعلم: أن في هذه المسألة مسائل إجماعية، فلا بد من ذكرها لينكشف المراد، ويسهل المرتاد (٣) (٤)؛ وهي: أن إقرار هذا العبد الذي حُجِر بعد الإذن لا يُصَدَّق في استهلاك رقبته بالاتفاق (٥)، حتى أنه إذا لم يفِ ما في يده بما عليه من الإقرار لا تباع رقبته فيه إجماعًا (٦)؛ وهو المراد من قوله: (ولهذا لا يصح إقراره) بما انتزعه الموْلَى من يده من مال اكتسبه وقت الإذن، وأخذه منه أو باعه ثم أقرَّ بشيء من ذلك بعد الحجر لا يُصَدَّق العبد فيه بالاتفاق (٧)؛ وكذا لو كان الدين الذي وجب عليه وقت الإذن مستغرقًا لما في يده، فأقر بعد الحجر بدين عليه سواه، لا يُصَدَّق العبد فيه بالاتفاق (٨).


(١) للسرخسي (٢٥/ ٣٦).
(٢) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١).
(٣) في (أ) (الزيادة).
(٤) المرتاد: ارْتَادَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ طَلَبَهُ. انظر: لسان العرب (٣/ ١٨٧)، المصباح المنير مادة (ر و د) (١/ ٢٤٥).
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٨٦)، العناية شرح الهداية (٩/ ٢٩٨)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٧).
(٦) انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٤٣٥)، المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٨٦)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(٧) انظر: الأسرار للدبوسي (١/ ٤٤١)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٧).
(٨) انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٦٧)، البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٥).