للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك لو كان الحجر ثابتًا عليه بسبب أن الموْلَى باعه من آخر (١)، ثم أقر في يد المشتري بدين عليه لا يُصدَّق فيه بالاتفاق (٢)، وكذلك لو كان في يده مال حصل له بالاحتطاب (٣) ونحوه فأقر به لغيره، لا يُصدَّق فيه بالاتفاق (٤).

وهذه المسائل الخمس كلها يصح مقيسًا عليها/ لهما (٥)، ولكن ما ذكره من التعليل في «المبسوط» (٦) و «الأسرار» (٧) لأبي حنيفة- رحمه الله- يصلح جوابًا لها كلها؛ فقال: (والقياس ألا يُصدَّق بعد الحجر في شيء (٨) مما في يده، ولكن استحسن أبو حنيفة- رحمه الله (٩) - فأقام أثر الإذن مقام الإذن في تصحيح إقراره، وهذا الأثر في المال الذي بقي في يده من الكسب الذي اكتسب وقت الإذن لا في رقبته؛ لأنه لا يد له في رقبته بعد الحجر، والإذن باق في حق ذلك الكسب؛ لأنه لو ارتفع لارتفع حكمًا بالحجر، فإن اليد على الحقيقة باقية؛ وإنما يرتفع حكمًا بالحجر إذا لم يكن عليه دين؛ فإنا أجمعنا (١٠) أنه متى كان عليه دين فالموْلَى محجور عن إبطال يده، مالم يوفِّ الدين، ولما كان ولاية الإبطال عليه بشرط عدم الدين لم يحكم بنفاذه، ما لم يثبت العدم بدليله، ولم يكتفِ بعدم ثابت بعدم أدلة الثبوت، كمن يقول لعبده: "إن لم أدخل الدار اليوم فأنت حر" فمضى (١١) اليوم لم يَعْتِق إذا ادَّعى الموْلَى الدخول، وإن كان الأصل هو العدم، وهو ثابت لعدم دليل الدخول؛ لأن العدم جُعل شرطًا لثبوت العتق، فلم ينفذ العتق بعدم ثابت بعدم دليل الدخول، فكذا هذا؛ وإذا لم يثبت الحجر بمثل هذا العدم بقي الكسب على الإذن في حق الدين، فصار كما لو لم يحجر عليه فيه بقدر ما بقي).


(١) في (ع) (الحر).
(٢) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٥)، البحر الرائق (٨/ ١١٢).
(٣) في (ع) (بالاختطاف) وما أثبت هو الصحيح. انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(٤) انظر: البناية شرح الهداية (١١/ ١٥٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(٥) أي: هو القياس عند أبي يوسف ومحمد- رحمهما الله-. انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(٦) للسرخسي (٢٥/ ٨٦).
(٧) للدبوسي (١/ ٤٤٢).
(٨) في (أ) (بيع) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٨٦).
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٨٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٥١).
(١٠) انظر: المبسوط للسرخسي (١٧/ ٤٠)، تبيين الحقائق (٥/ ٢١٢).
(١١) في (ع) (يضمن) وما أثبت هو الصحيح. المبسوط للسرخسي (١٧/ ٤٠).