للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبخارى (١): يُشتَرط، وقال العراقيُّون: لا.

واتفقوا على أنَّه يشترط الحريَّة، والعقل، والبلوغ، والإسلام (٢).

[في السؤال عن حال الشهود]

قال أبو حنيفة/: «يَقتَصِرُ الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم … » (٣).

فإن قيل: أين ذهب قولكم: الظَّاهر يكفي للدفع لا للاستحقاق، وههنا يثبت المدَّعِي الاستحقاق المدَّعَى به بإقامة البيِّنَةِ، فيجب أن لا يكتفى بالظَّاهر.

قلنا: الظاهر هنا قائم مقام الدليل القطعي؛ لما أنَّه لا إمكان للوصول إلى الدَّليل القطعي؛ وذلك لأنَّه لو لم يكتف بظاهر العدالة يحتاج إلى تزكية المزكِّي، وقَبُول قول المزكِّي في التَّعديل أيضاً عملٌ بالظَّاهر، لما أنَّ الظاهر أنَّ المزكي في قوله هو عدلٌ غير كاذبٍ؛ لأنَّ المزكِّي مسلم، والظاهر من حال المسلم أنَّه لا يكذب، ولو لم يكتف بظاهر عدالة الشَّاهد؛ لكونه عملاً بالظَّاهر يجب ألا يكتفى بظاهر عدالة المزكي/ أيضاً؛ لأنَّه عملٌ بالظَّاهر، فحينئذ يحتاج إلى مزكِّي آخرُ في تعرف عدالة المزكِّي الأول، وكذلك في الثَّالث والرابع، وهذا [أمر] (٤) يؤدِّي إلى التسلسل.

وقوله: «إن الظاهر» (٥) لا يكفي للاستحقاق (٦).

قلنا: قد يكفي له إذا لم ينازعه آخر ألا ترى أن الشَّفيع يستحق الشُّفعة (٧) بظاهر يده الثابتة على داره إذا لم ينازعه المشتري في ذلك، وههنا أيضاً كذلك (٨).


(١) بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلّها، يعبر إليها من آمل الشّطّ، وكانت قاعدة ملك السَّامانية، كانت إحدى مراكز الفكر الإسلامي، ينسب إليها عدد من العلماء منهم إمام أهل الحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المعروف بالبخاري، وتقع اليوم في إقليم أوزبكستان.
ينظر: معجم البلدان (١/ ٣٥٣)، تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٢٩٩).
(٢) البناية شرح الهداية (٩/ ١١٣ - ١١٤).
(٣) تمامها في الهداية (٣/ ١١٧): «ولا يسأل عن حال الشهود حتى يطعن الخصم».
(٤) في «ج»: [ليس].
(٥) الهداية (٣/ ١١٨).
(٦) يُنظر: البداية شرح الهداية (٩/ ١١٥).
(٧) الشفعة: لغة: من الشفع الذي هو نقيض الوتر، وقد شفعت الوتر بكذا؛ أي: جعلته زوجاً له، وشفعت الركعة؛ جعلتها ثنتين. ينظر: المصباح المنير (١/ ٣١٧)، مادة «شفع»، طلبة الطلبة (ص ١١٩)، أنيس الفقهاء (ص ١٠٠).
واصطلاحاً: هي حق تملك العقار المبيع أو بعضه، ولو جبراً على المشتري بما قام عليه من الثمن والمؤن. مرشد الحيران (ص ١٦).
(٨) يُنظر: البحر الرائق (٤/ ٢١٠).