للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما أصاب مهر مثلها كان مهرًا للأمة في الوجه الذي قال فيه عني أو لم يقل. وذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (١) تزوجت فلها مهرها ولا يكون عتقها مهرًا؛ لأنّه ليس بمال، وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنّه جعل العتق مهرًا لأنّه -عليه السلام- «أعتق صفية ونكحها وجعل عتقها مهرها» (٢).

قلنا: كان النبي -عليه السلام- مخصوصًا بالنكاح بغير مهر فإن أبت أن تنكحه فعليه قيمتها لأنّ الشّرط فات، وكذا لو أعتقت عبدًا على أن يتزوّجها؛ فإن فعل فلها مهرها وإن أبى فعليه قيمته. والله أعلم

باب التدبير (٣)

لمَّا فرغ من بيان ذَكَرَ الإعتاق المطلق (٤) عن القيد، شرع في بيان الإعتاق المقيّد، وهو التّدبير، وذلك لمَّا فرغ سمعك مرارًا بأن المقيد بمنزلة المركب، والمطلق بمنزلة المفرد، والمركب بعد المفرد (٥) لا محالة (٦).

ثم يحتاج ههنا إلى بيان التّدبير لغةً وشرعًا، وبيان الألفاظ التي يصير العبد بها مدبّرًا وبيان حكمه (ذكر في الصّحاح: (٧) التّدبير في الأمر أن ينظر إلى ما يؤول إليه عاقبته، والتّدبير عتق العبد عن دبر: وهو أن يعتق بعد موت صاحبه). وهو العتق الواقع في دبر الإنسان: أي بعده مأخوذ منه، وحقيقته أن يعلق عتق مملوكه بموته على الإطلاق (٨).


(١) انظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (٢/ ١٧).
(٢) عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» صحيح البخاري (٧/ ٦) كتاب النكاح، رقم (٦٧)، باب من جعل عتق الأمة صداقها، رقم الحديث (٥٠٨٦)، وصحيح مسلم (٢/ ١٠٤٥)، كتاب النكاح، رقم (١٦) باب فضِيلة إعتاقه أمته ثم يَتزوَّجُها، رقم (١٤)، رقم الحديث (٨٥).
(٣) التَّدبِيرُ في اللغة: هو النَّظَرُ إلى عَاقِبَةِ الأمر. وعند الفقهاء: هو إيجَابُ العِتقِ الحاصل بعد موتِ الإنسان بألفاظٍ تَدُلُّ عليه صريحًا كقولِهِ دَبَّرتُكَ أو أنت مُدبَّرٌ أو دلالةً كقولِهِ إذا مِتّ فأنتَ حُرٌّ أو أنتَ حُرٌّ مع موتِي أو في موتِي، وَكقوله أوصَيت لك بِنفسِك.
انظر العناية مع فتح القدير: (٥/ ١٨)، التعريفات الفقهية (ص ٥٤).
(٤) الْمُطْلَقُ: هو اللَّفظُ الدَّالُّ على واحدٍ لا بِعينِهِ.
انظر: كشف الأسرار (٢/ ٢٨٧).
(٥) "والمركب بعد المفرد " سقط من (ب).
(٦) لما فرغ من العتق الواقع في حالة الحياة شرع في العتق الواقع بعد الموت، لأن الموت يتلو الحياة.
انظر: البناية (٦/ ٨٧).
(٧) الصحاح، في اللغة هو «الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية» للإمام، أبي نصر: إسماعيل بن حماد الجوهري، الفارابي. كان من فاراب. المتوفى: سنة (٣٩٣). انظر: الصحاح (٢/ ٦٥٥).
(٨) " وهو العتق الواقع في دبر الإنسان: أي بعده مأخوذ منه وحقيقته أن يعلق عتق مملوكه بموته على الطلاق " تعريف التدبير شرعًا. وهو سقطٌ من (ب).