للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والمسألة بحالها أي قال على أن تزوجنيها ففعل فأبت أن تتزوّجه قسمت الألف على قيمتها ومهر مثلها فما أصاب القيمة أداه الآمر).

فإن قلت ههنا شبهتان موجهتان:

[٤١٣/ ب] أحدهما: هي أنّه وجب أن لا تُعتقُ الأمة قبل القبض؛ لأنّ البيع فاسد/ فيها؛ لأنّه بيع بما يخصها من الألف لو قسم عليها وعلى منافع بضعها، وأنّه فاسد، والفاسد لا يفيد الملك بدون القبض. ألا ترى أنّه لو قال اعتقها عَنِّي فأعتقها عنه كان العتق عن المأمور؟ لأنه استيهاب والهبة لا تفيد الملك بدون القبض.

والثّانية: أن العوض لو وجب في هذا (١) ينبغي أن يكون ذلك العوض القيمة لا ما يخصّها من الألف التي قسمت على قيمتها ومهر مثلها؛ لأن البيع فاسد لما ذكرنا أو لأنّه أدخل النكاح في البيع وإدخال الصّفقة (٢) في الصّفقة مفسد للبيع، والبيع الفاسد موجب لقيمة المبيع كامله، والقول بما يخصّه من الثّمن موجب البيع الصّحيح، كما إذا جمع بين عبد ومدبّر أو بين عبده وعبد غيره (٣) صحّ البيع في العبد بحصّته من الثّمن على ما يأتي في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى.

قلت: أما الأولى فقد ذكر شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- (٤) في جوابها أنّ الأمة تنتفع بهذا الإعتاق فمن هذا الوجه تصير قابضة نفسها أدنى قبض، ولكن أدنى القبض يكفي في البيع الفاسد، ولا يكفي في الهبة كالقبض مع الشيوع فيما يحتمل القسمة ومع اتصال الثمار على رؤوس الأشجار، يكفي لوقوع الملك في البيع الفاسد دون الهبة، فبهذا اتضّح الفرق. كذا في الفوايد الظهيريّة (٥).

وأمّا الثّانية: فإن منافع البضع متقومة عند إيراد العقد عليها، وقران ما هو متقوم في نفسه غير مفسد للبيع، وإن كان يجب للمبيع ما يخصه من الثّمن على ما مر فيمن جمع بين عبد ومدبّر في البيع هذا على تقدير دعوى الفساد بسبب قران منافع البضع، وأمّا على تقدير إدخال الصّفقة في الصّفقة فنقول: النكاح ثبت ضمنًا للبيع ههنا فلا يلتفت لوجوده، فإن الأحكام في الضمنيات تثبت بشروط المتضمِّن لا بشروط المتضمِّن (٦) وذكر فخر الإسلام والإمام الكشاني (٧) -رحمهما الله- ولم يبطل البيع شرط النكاح؛ لأنه مدرج في الإعتاق فأخذ حكم الإعتاق فلم يبطل بالشّرط الفاسد كالإعتاق. فلو زوّجت أي في المسألتين لم يذكره أي في الجامع الصّغير أن ما أصاب قيمتها سقط لعدم صحة الضمان في الوجه الأوّل وهو ما إذا لم يقل فيه عني وهي للمولى في الوجه الثّاني أي حصّة القيمة للمولى في الوجه الذي قال فيه عني.


(١) " في هذا " في (ب) وهذا، والصواب ما في (أ).
(٢) الصفّقة: ضرب اليد على اليد في البيع، ثم جعلت عبارة عن العقد نفسه. انظر: التعريفات (١٣٣).
(٣) " عبد ومدبّر أو بين عبده وعبد غيره " في (ب) العبد ومدبر وبين عبد وعبد غيره، والصواب ما في (أ).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٢).
(٥) انظر: المصدر السابق.
(٦) "لا بشروط المتضمّن" سقط من (ب).
(٧) الكشاني: سبق ترجمته (ص ١٢٢)