للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في الوطء والنظر واللّمس

ولا يجوز أن (١) ينظر الرجل إلى الأجنبية) (٢) إلى آخره، والحاصل أنّ نظر الرجل إلى المرأة ينقسم إلى أربعة أقسام: نظرُهُ إلى زوجته ومملوكته، ونظره إلى ذوات محارمه، ونظره إلى إماء الغير، ونظره إلى الحُرة الأجنبيّة (٣).

[معنى قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}]

ثم في مسائل النَّظَر قياس واستحسان، بيان هذا: أن المرأة من قرنها (٤) إلى قدمها عورة، وهو القياس الظّاهر، وإليه أشار -عليه السلام- فقال: «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ مَسْتُوْرَةٌ» (٥)، ثم أبيح/ النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضّرورة، فكان ذلك استحسانًا لكونه أرفق بالنّاس (٦).

(قال علي وابن عبّاس -رضي الله عنهم-: ما ظهر منها: الكحل والخاتم (٧)، والمراد: موضعهما) (٨)، وإنّما قيّد بقول علي وابن عبّاس؛ لأنّ عائشة رضي الله عنها تقول: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (٩) إِحْدَى عَيْنَيْهَا (١٠)، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: الْمُرَادُ مِنْهُ خُفُّهَا ومِلاءَتُها، واستدلّ ابن مسعود -رضي الله عنه- بقوله -عليه السلام-: «النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ بِهِنَّ يَصِيْدُ الرِّجَالَ» (١١)،


(١) سقطت من النسختين.
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (ص ٢٢٢)
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٨)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١١٨ - ١١٩)
(٤) قرنها: القَرْن يأتي في معانٍ عِدَّةٍ، وهو هُنا بمعنى: الجانب الأعلى من الرأس. يُنْظَر: القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص ١٢٢٣).
(٥) الحديث بهذا اللفظ قال عنه ابن حجَر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية: لم أَجِدْه لكنَّ أوَّله عند التِّرْمذي عن ابن مسعود مرفوعًا.
- فقد أخرج الترمذي في سُنَنِه (٣/ ٤٦٨) كتاب (الرضاع) باب (ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات) برقم (١١٧٣) بِسَنَدِه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ»، ثم قال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
- وصححه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (١/ ٣٠٣).
(٦) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٤٥)،
(٧) - الرواية عن علي: قال الزيلعي في نَصْب الراية: وأما الرواية عن عليٍّ فَغَريبٌ، وقال ابن حَجَر في الدراية: أمَّا عليٌ فلم أجِد ذلِك عنْهُ. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (٤/ ٢٣٩)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٢٢٥).
- أما الرواية عن ابن عباس: رواها ابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل آي القرآن" (١٩/ ١٥٦)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٌ ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثَنَا مُسْلِمٌ الْمُلَائِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: هِيَ الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ، انْتَهَى. وهي ضعيفةٌ لأن فيها مسلم الملائي، قال عنه النسائي في "الضعفاء والمتروكون": متروك الحديث، وقال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكون": قال أحمد ضعيف الحديث لا يكتب حديثه، قال الفلاس: منكر الحديث جدا، وقال يحيى: لا شيء، وقال السعدي: غير ثقة، وقال النسائي وعلي بن الجنيد: متروك وقال البخاري: ضعيف ذاهب الحديث لا أروي عنه، قال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان لا يدري ما يحدث به تركه أحمد ويحيى، وقال علي بن الجنيد: متروك. يُنْظَر: الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص ٩٧)، الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (٣/ ١١٨).
- وأخرجها البيهقي في السُّنَن الكُبرى (٢/ ٣١٩) برقم (١٣٤٩٤)، عن جعفر بن عون ثنا مسلم الْمُلائيُّ بهِ، وبِسَنَدٍ آخر عن ابن عباس، في (٢/ ٣١٩) برقم (٣٢١٦).
- وأخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف عن سعيد ابن جبير من كلامِه (٣/ ٥٤٧) برقم (١٧٠١٥) بلفظ: «الْخَاتَمُ، وَالْخِضَابُ، وَالْكُحْلُ».
- وأخرجها عبدالرزاق في تفسيره عن قتادة (٢/ ٤٣٣) برقم (٢٠٢٢).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٤٨٧).
(٩) سورة النور الآية (٣١).
(١٠) المشهور في كتب التفسير أن قول عائشة رضي الله عنها في تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو: القُلْب (السوار)، والفتخة (الفتخ)، والمشهور فيها أيضًا أن قول ابن مسعود -رضي الله عنه- في معناها: الثياب، وقيل الرداء. يُنْظَر: جامع البيان للطبري (١٩/ ١٥٧)، تفسير"تأويلات السُّنَّة" للماتريدي (٧/ ٥٤٤)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (٦/ ١٨٠)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣١).
- وقد ذَكَر في "مجمع الأنهر" ما نّصُّهُ: (وفي المنتقى تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد. وعن عائشة -رضي الله عنها- جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب؛ لاندفاع الضرورة). يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٨١)، البناية شرح الهداية (١٢/ ١٢٨).
(١١) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ١٧٨) كتاب (الحدود وغيرها الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما) برقم (٣٥٧١): عَن حُذَيْفَة -رضي الله عنه- قَالَ سَمِعت رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُول: «الْخمرُ جِمَاع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة»، ثم قال المنذري: ذَكَرَه رزين ولم أرَهُ في شيء من أُصُوله، وضّعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: ضعيف الترغيب والترهيب للألباني (٢/ ١١٣) رقم (١٤١٤).
- وأخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (٢/ ١٠٦) برقم (١٢٥٣)، وقال العراقي في الْمُغني عن حمل الأسفار: أخرجه الْأَصْفَهَانِي فِي التَّرْغِيب والترهيب من حَدِيث خَالِد بن زيد الْجُهَنِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ جَهَالَة. يُنْظَر: الْمُغني عن حمل الأسفار في الأسفار (ص ٩٨٦).
- وأخرجه ابن أبي شيبة في المُصّنَّف (٧/ ١٠٦) برقم (٣٤٥٥٢)، وأبو داود في الزهد (ص ١٦٠) برقم (١٦٠)، كلاهُما من كلام ابن مسعود -رضي الله عنه- وليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجميع الروايات ليس فيها قول: «بهن يصيد الرجال».