للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: هو احتراز عن الصبي المحجور، والعبد المحجور، فإنهما لو اشتريا شيئاً لا يملكانه فلذلك لم يصح توكيلهما (١).

«لأن الوكيل يملك التصرف من جهة الموكل فلا بد أن يكون الموكل مالكاً [ليملكه] (٢) من غيره» (٣) فإن قيل يشكل على هذا الوكيل، فإنَّه يملك التصرف، ومع ذلك أنَّه لو وكل غيره لا يصح.

[من شروط صحة الوكالة أن يكون الوكيل ممن يعقل العقد ويقصده]

قلنا: إنا نقول من شرط صحة التَّوكيل أن يكون الموكل مالكاً للتصرف، ولا يلزم من هذا أن كل من يملك التصرف يصح توكيله؛ بل لا يصح لفقدان شرط آخر [سواه] (٤) كما نقول من شرط وجوب الحج كون من وجب عليه مالكاً للزاد، والراحلة، ولا يلزم من هذا أن يجب الحج على كل من يملك الزاد، والراحلة؛ بل لا يجب لفقد شرط آخر، وهو أمن الطريق؛ فكذلك ها هنا يجب أن يكون الموكل مالكاً للتصرف؛ أي: على طريق الاستبداد من غير أن يستفاد جواز تصرفه من آخر، وإنَّما ترك هذا؛ لأن الأصل هو الاستبداد.

«ويشترط أن يكون الوكيل ممن يعقل العقد» (٥).

وذكر في مأذون الذخيرة معنى قول محمد - رحمه الله - إذا كان الصبي يعقد البيع، والشراء أن يعرف أن الشراء جالب والبيع سالب، ويعرف الغبن (٦) اليسير من الغبن الفاحش لا نفس العبارة (٧).

«ويقصده»؛ أي: لا يهزل في البيع والشراء.

«وإذا أوكل الحر البالغ، أو المأذون مثلهما جاز» (٨) هذا غير منحصر على المثلية في صفة الحرية، والرقبة؛ بل يجوز للموكل أن يوكل من فوقه كتوكيل العبد المأذون الحر، أو من دون كتوكيل الحر العبد المأذون (٩)؛ لأن التعليل بقوله: «لأن الموكل مالكاً للتصرف، والوكيل من أهل العبارة» (١٠)، يشمل الأوجه الثلاثة من المثلية، والفوقية والدونية (١١).


(١) ينظر: فتح القدير (٧/ ٥١٢)، الجوهرة النيرة (١/ ١٩٩)، البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٦).
(٢) في «ج»: [لتملكه].
(٣) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٤) في «ج»: [سواء].
(٥) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٦) الغَبنُ في اللغة: الغبن بالتسكين في البيع، والغَبَنُ بالتحريك في الرأي. يقال غبنته في البيع بالفتح، أي: خدعته، وقد غُبِنَ فهو مَغبونٌ، وغَبِنَ رأيه بالكسر إذا نقصه فهو غَبينٌ؛ أي: ضعيف الرأي، وفيه غبانة. الصحاح للجوهري (٦/ ٢١٧٢)، مادة: «غبن».
وعند الفقهاء هو نوعان اليسير والفاحش فاليسير ما يتغابن الناس في العادة، لا يتحرزون عنه. والفاحش هو ما لا يتغابن الناس فيه عادة وعرفوه (ما يخرج عن تقويم المقومين).
ينظر: معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لفة الفقهاء (ص ٣٤٢).
(٧) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢٥٤)، الجوهرة النيرة (١/ ٢٩٩)، حاشية رد المحتار (٧/ ٢٧٣).
(٨) الهداية (٣/ ١٣٧).
(٩) ينظر: الجوهرة النيرة (١/ ٢٩٩).
(١٠) الهداية (٣/ ١٣٧).
(١١) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ٢٢٧).