للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: هذا الذي ذكرتَه هو جواب القياس. وأمَّا جواب الاستحسان فله الميراث لأنَّه تعلَّق حقُّه بمالها بمرضها، فكانت بالردَّة قاصدةً إلى إبطال حقِّه فارَّة عن ميراثه، فيُردّ عليه قصدُها كما في جانب الزوج، بخلاف ما إذا كانت صحيحةً حين ارتدَّت لأنَّها بانت بنفس الرِّدة ولم تصر مشرفةً على الهلاك لأنَّها لا تُقتل بخلاف الرَّجل، فلا تَكون في حكم الفارَّة المريضة، فلا يرث زوجُها منها (١). كذا ذكر المسألة في "كتاب الطلاق" والسِّيَر من المبسوط.

[[لحاق المرتد بدار الحرب]]

(ولنا أنَّه باللِّحاق صار مِن أهل الحرب) أي: حقيقةً وحكمًا. أمَّا حقيقةً فإنَّه بَين أَظهُرهم واعتقاده كاعتقادهم. وأمَّا حكمًا فإنَّه لما أَبطَل إحرازَه نفسَه بدار الإسلام حين عاد إلى دار الحرب صار حربًا للمسلمين، فأعطي له حكم أهل الحرب، والحربي في دار الحرب كالميت في حقّ المسلمين؛ قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: ١٢٢]، ولأنَّه قد خرج مِن يد الإمام حقيقةً، ولو كان في يده لموّتَه حقيقةً بأنْ يقتله فيقسم ماله، فإذا عجز عَن ذلك بخروجه مِن يدِه موّتَه حُكْمًا، فيقسِم ماله بَين ورثتِه، وحُكِم بعِتق أمهات أولاده (٢)؛ كذا في المبسوط.

(وهي) أي: الأحكام (ما ذَكرناها) وهو قوله (٣): (عتق مدبروه وأمهات أولاده … ) إلى آخره.

[[قضاء ديون المرتد]]

هذا (رواية عن أبي حنيفة)، وهي رواية زُفَر عن أبي حنيفة (٤).

(وعنه) أي: عن أبي حنيفة -رحمه الله-، (أنَّه يبدأ بكَسب الإسلام) وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة (٥).

(وعنه على عَكسه) بأنْ يبدأَ في قضاء الدَّين بكَسب الرِّدَّة، وهو رواية أَبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- (٦).


(١) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١١٢).
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٣).
(٣) في (ب) "قول".
(٤) روى زفر عن أبي حنيفة -رحمهما الله- تعالى أن ديون إسلامه تُقضى من كسب الإسلام، وما استدان في الرّدّة يقضى من كسب الرّدة لأنّ المستحقّ للكسبَين مختلف، وحصول كلُّ واحد من الكسبين باعتبار السبب الذي وجب به الدّين فيقضي كلّ دين من الكسب المكتسب في تلك الحالة ليكون الغرم بمقابلة الغنم، وبه أخذ زفر -رحمه الله- تعالى. المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٧).
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٦).
(٦) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٠٦).