للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «إلا أنَّها قُبِلت في الأموال»: استثناء من قوله: «لأن الأصل فيها»؛ أي: في شهادة النِّساء عدم القَبُول إذ بالأول؛ أي: بالشَّهادة يحصل العلم بالشَّاهد، وبالضَّبط يبقى العلم وللشَّاهد بأداء الشَّهادة ويحصل العلم للقاضي.

[أسباب التحمل والأداء في الشهادة]

ثمَّ اعلم أنَّ في لفظ الكتاب نوع إخلال، فإنَّه قال: «لوجود ما يبتنى عليه أهليَّة الشَّهادة، وهي: المشاهدة، والضَّبطُ، والأداء» (١)، حيث فسَّر أهليَّة الشَّهادة، في هذه الأشياء الثَّلاثة، وهي المشاهدة، والضبط، والأداء، وبهذه الأشياء بعد لا تثبت أهليَّة الشَّهادة؛ بل أهليَّةُ الشَّهادة إنَّما تثبت بالولاية، وهي: الحريَّةُ، والإسلام، والبلوغ.

وهذه الأشياء التي ذكرها في الكتاب، أسباب التحمُّل والأداء عند القاضي، ألا ترى أنَّ هذه الأشياء الثَّلاثة أعني: المشاهدة، والضبط، والأداء حاصلة للعبد، والصبي العاقل، والكافر، ولا شهادة لهم، اللهم إلَّا إذا جعلت هذه الأشياء الثَّلاثة تفسيراً للاسم الموصول المبهم في قوله: «لوجود ما [يُبتَنَى] (٢) عليه»؛ فحينئذٍ يجب أن يقول: «وهو المشاهدة .. » إلى آخره.

والنُّسخة المصححة بتصحيح شيخي (٣) - رحمه الله - كانت: «وهي».

والصحيح هو ما ذكره في الأسرار حيث قال: ولأن الإنسان إنَّما يصير شاهداً بكونه وليَّاً ولاية مبنية على الحريَّةِ، والإرث والنِّساء في هذا مثل الرجال (٤).

والقَبُول يُبتَنَى على العدالة وانتفاء التُّهمة بالكذب، وللنِّساء عدالةٌ مثل الرجال (٥).


(١) الهداية (٣/ ١١٧).
(٢) في «س»: [يبنى].
(٣) كلما ذكر السنغاقي هذا في شرح الهداية من لفظة الشيخ؛ فالمراد به حافظ الدين البخاري. المنهل الصافي (٥/ ١٦٥).
وهو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نصر، الإِمَام حَافظ الدّين البُخَارِيّ أَبُو الْفضل كَانَت وِلَادَته في حُدُود سنة ٦١٥ هـ ببخارى، تفقه على شمس الأئمة مُحَمَّد بن عبد الستار الكردري، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْأَدَب وَسَائِر الْعُلُوم، قال في الجواهر المضية: كَانَ إِمَامًا، عَالماً، ربانياً، صمدانياً، زاهداً، عابداً، مفتياً، مدرساً، نحريراً، قَاضِياً، محققاً، مدققاً، مُحدثاً، عارفًا بالفقه والأصلين، والتّفسير، سخيًّا، جوادًا، مشفقا على الطَّلبة حجّ، ودخل الشَّام وعاد إلى بلاده، تُوُفّي فِي شعبان. سنة ٦٩٣ هـ وَدفن بكلاباذ.
ينظر: الجواهر المضية (٢/ ١٢٢)، تاريخ الإسلام للذهبي (١٥/ ٧٦٣).
(٤) يُنظر: البناية شرح الهداية (٧/ ٣٧٠).
(٥) يُنظر: فتح القدير (٧/ ٣٧١).