للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[لا يضمن الغاصب ولد الجارية إذا ولدت عنده]]

وأما ما يبرأ (١) انقضاء فليس كذلك؛ أمّا الجواب عن المسألة الأولى: وهي غَصْب الجارية حاملًا، فقلنا: إنما لم يضمن ولدها لعدم تحقق حدّ الغصب الذي ذكرنا في حقّه، وهو أنّ الغصب: عبارة عن أخذ مال متقوم محترم بغير إذن المالك على وجه يُزيل يد المالك؛ والولد لا يُعدّ مالًا متقومًا إلا بعد الولادة، وقيل: الولادة تُعد عيبًا في الأَمَة، ولمَّا لم يكن هو في ذلك الوقت مالًا متقوّمًا (٢) لم يَرِد الغصب في حقّه؛ لانعدام شرط الحدِّ، فكان هو وما لو ولدته الجارية بحبل حادث في يد الغاصب سواء (٣)، فكان [الدليل في حق الولد الذي وُلد بحبل في يد الغاصب] (٤) دليلًا على ولد حدث في يد الغاصب بحبل كان موجودًا وقت الغصب في أنّ الغصب غير ثابت في حقّهما.

[[يضمن الغاصب ولد الجارية عند طلب المالك أو منعه]]

وأمّا الجواب عن المسائل التي سميتها العكسية: فشيء واحد يشمل الكل، وهو أنّ المنع عند الطلب أو الفعل الذي يقوم مقام المنع كترك إشهاد (٥) الملتقط بمنزلة الغصب حقيقةً؛ وذلك لأن للمالك ولاية الاسترداد في كل وقت، فلمَّا منعه عن استرداده كان مُزيلًا ليده تقديرًا، فكان حد الغصب موجودًا فيَضمن.

[[لا يضمن الغاصب ولد الجارية لأنه ليس تعديا بل زيادة]]

وأما الجواب عن قوله: يجب أن يكون الولد مضمونًا على الغاصب لوجود السبب منه للإتلاف بطريق المتعدي، كما في حفر البئر، فقلنا: المُتسبب للتلف إنما يضمن إذا كان متعديًا، ولا يضمن إذا لم يكن متعديًا كحافر البئر سواء، إلا أن التلف بالبئر حقيقي.

وأما المال فلا تلف له في نفسه بمجرد الأيدي بل المال يَحصل بالأيدي ويُحفظ بها، وإنما الضمان للمالك على من أزال يده عن ماله بالإتلاف، ولم توجد إزالة اليد في حق الزيادة؛ فلا يضمن.

وأمّا الجواب عن فصل شرائه ووصف كون الأم مضمونًا إلى الولد، فقلنا: إن الملك ثابت في رقبة الأم وصفة لها، فسَرَى إلى ما يتولد منها؛ وأمّا الضمان فعبارة عن لزوم حق، واللزوم في ذمة الغاصب فإنّه صفة له لا للمال- وإنما يوصف المال به مجازًا- كما يقال: فلان مغصوب عليه، والغضب صفة للغصبان بخلاف الملك، فإنّه وصف للمحل، حيث يوصف بأنّه مملوك حقيقة/ فلذلك تعدّى هو إلى الولد دون كونه مضمونًا، هذا كله مما أشار إليه في «الأسرار» (٦).


(١) في (ع): زيادة (أي).
(٢) في (ع): زيادة (ما) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٣) سقطت في (ع).
(٤) سقطت في (ع).
(٥) في (أ): (إشهار) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٦) انظر: الأسرار للدبوسي (٣/ ٩٦ - ٩٧)، وكذلك انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ١٢ - ٧٠)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٠١)، العناية شرح الهداية (٩/ ٣٤٩)، البناية شرح الهداية (١١/ ٢٣٩).