للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا عكسًا ففي مسائل إحداها عين هذه المسألة التي نحن فيها، وهي: أنه لم يَزُل يد المالك عن ولدها، سواء كان مَنَعَه بعد الطلب أو لم يوجد منه الطلب؛ لأنه لم يكن في يد المالك حتى يُزيله، ومع ذلك يَضمنه الغاصب إذا منعه عند الطلب، كما إذا غصبه مقصودًا.

والثانية: الغاصب (١) الثاني يَضمن للمالك، وإن لم يُزل يد المالك، بل أزال يد الغاصب.

والثالثة: أن المُلتقط إذا لم [يُشهد مع القدرة] (٢) على الإشهاد يَضمن ضمان الغصب، وما أزال يد المالك.

والرابعة: المغرور يَضمن الولد بالمنع، وإن لم يوجد منه إزالة يد المالك في حق الولد؛ ولأن الأموال تارة تُضمن بالإتلاف مباشرة، وهو ظاهر؛ وتارة بالإتلاف تسبيبًا إذا كان التسبيب على طريق التعدي، كمن حفر بئرًا على قارعة الطريق فماتت فيها شاة؛ ثم غَصْبُ الأم وإمساكها إلى وقت الولادة سبب لحصول الزيادة في يده أشد من حفر البئر المُتْلِف (٣)، فإن البئر قد يسقط فيها المال أو (٤) لا يسقط، ولو سقط قد يَتْلَف أو لا يتلف، والغالب فيه السلامة؛ وإمساك الأم سبب لحصول الزيادة لا (٥) محالة؛ فإن أهل السوائم يُمسكون السوائم للزيادة، خصوصًا ما إذا غصبها وهي حامل، فلمَّا ضمن هناك بالتسبّب فأولى أن يضمن هنا (٦)؛ [لأنهما متساويان في التسبيب بطريق التعدي لإتلاف المال على المالك، وهذا أكثر إفضاء منه إلى الإتلاف كما بيّنا فوجب أن يُضمن] (٧)؛ ولأنّ ولد المغصوبة مما تولّد من أصل مضمون بيد متعدّية، فيجب أن يحدث مضمونًا كأمه كالملك (٨) لما أنّ الأوصاف القارة في الأمّهات تسري إلى الأولاد كسائر الأوصاف من الحرية والرقيّة والملك في الشراء (٩).

قلتُ: لا، بل ما ذكره من الحد مستقيمٌ غاية الاستقامة، وقد ذكرنا وجه استقامته في أوائل كتاب الغصب (١٠).


(١) في (ع): (الغضب) وما أثبت هو الصحيح لسياق الكلام.
(٢) في (ع): (يقدر) وما أثبت هو الصحيح. انظر: فتح القدير (٩/ ٣٥٠).
(٣) في (أ): (للتلف).
(٤) في (ع): (و).
(٥) في (ع): (لأن).
(٦) في (ع): (هناك).
(٧) سقطت في (ع).
(٨) في (ع): (كالمالك).
(٩) انظر: الأسرار للدبوسي (٣/ ٨٩)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٥٤)، بدائع الصنائع (٢/ ٢٠٣).
(١٠) راجع (ص: ١٣٢).