للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا لو قضى دين بعض الغرماء (١) ولا يملك؛ لأن فيه إيثاره على الباقين، وتخصصه بقضاء دينه، وأنه محجور عليه وصار كالمريض مرض الموت) كذا في «الذخيرة» (٢).

[[بيع القاضي مال المديون]]

(وباع ماله) أي: عندهما (٣) باع القاضي مال المحجور (حتى يُحبسُ) بالرفع؛ لأن هذا الحكم ثابت وليست (حتى) هذه للغاية (لأجله)، أي: لأجل البيع، (والبيع ليس بطريق يَتعيَّن لذلك)؛ لأنه يمكنه بالاستقراض (٤) والاستيهاب (٥) وسؤال الصدقة (٦) من الناس، فلا يكون للقاضي تعيين هذه الجهة عليه بمباشرة بيع ماله (بخلاف الجَبِّ (٧) والعُنَّةِ (٨)، فإن الطريق متعين هناك؛ لأنه لَمَّا لم يُمكنه الإمساك بالمعروف تَعيَّن عليه التسريح بالإحسان، فلمَّا امتنع عنه التسريح بالإحسان مع عجزه عن الإمساك بالمعروف ناب القاضي منابه في التفريق، وأما ههنا فبخلافه؛ لأن البيع غير متعين لقضاء الدين على ما ذكرنا فلا ينوب القاضي منابه كالمديون، أو كان مُعسرًا فإن القاضي لا يؤاجر ليقضي دينه من أجرته بالإنفاق، فكذلك لا يبيع ما عليه من ثياب بدنه، وكذلك إذا وجب الدين (٩) على المرأة فإن القاضي لا يُزَوِّجُها ليقضي الدين من صَداقها؛ لأن التزويج غير متعين لقضاء الدين على ما ذكرنا (١٠).


(١) الغَارِمُ لُغَةً: هُوَ الَّذِي لَزِمَهُ الدَّيْنُ فِي الحَمَالَةِ. تاج العروس (٣٣/ ١٧١) واصطلاحًا: الملتزم بما تعهد به المدين الذي لا يستطيع أداء ما عليه. معجم لغة الفقهاء (ص: ٣٢٧).
(٢) مخطوط الذخيرة (٤/ ١٢٦/ أ-ب) المحيط البرهاني (٦/ ٦٠٧).
(٣) انظر: شرح السير الكبير (ص: ١٦١١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٧٤).
(٤) الاسْتِقْرَاضَ: طَلَبَ مِنْهُ الْقَرْضَ. مختار الصحاح مادة (ق ر ض) (ص: ٢٥١)، حاشية ابن عابدين (٣/ ٨١٦).
(٥) الِاسْتِيهَابُ لُغَةً: سُؤَالُ الْهِبَةِ. الصحاح مادة (و هـ ب) (١/ ٢٣٥) الكليات (ص: ٣٩) وشرعًا: تمليك العين بلا عوض. التعريفات (ص: ٢٥٦).
(٦) الصَّدَقَةُ لُغَةً: مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ الْمَرْءُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ. مقاييس اللغة (٣/ ٣٣٩) واصطلاحًا: هِيَ الْعَطِيَّةُ الَّتِي بِهَا يُبْتَغَى الْمَثُوبَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. المغرب مادة (ص د ق) (ص: ٢٦٥)، أنيس الفقهاء (ص: ٤٧).
(٧) الجّبٌّ: القَطْعُ، وَمِنْهُ الْمَجْبُوبُ الْخَصِيُّ الَّذِي اُسْتُؤْصِلَ ذَكَرُهُ وَخُصْيَاهُ. الصحاح مادة (ج ب ب) (١/ ٩٦) المغرب مادة (ج ب ب) (ص: ٧٤).
(٨) الْعِنِّينِ: هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى إتْيَانِ النِّسَاءِ ولا يقدر على الجماع أو يصل إلى الثيب دون البكر أو لا يصل إلى امرأة واحدة بعينها فحسب وإنما يكون ذلك لمرض به أو لضعف في خلقته أو لكبر سنه أو لسحر. انظر: المغرب مادة (ع ن ن) (ص: ٣٣٠)، أنيس الفقهاء (ص: ٥٨).
(٩) سقطت في (ع).
(١٠) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٤٢).