للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

[[حكم الإكراه الواقع في حقوق الله]]

لما ذكر حكم الإكراه الواقع في حقوق العباد شرع في بيان حكم الإكراه الواقع في حقوق الله تعالى وإنما قدم حقوق العباد على حقوق الله تعالى لما ذكر في الكتاب في الفصل المتقدم أن حق العبد مقدم لحاجته (وإن أكره على أن يأكل الميتة أو يشرب الخمر، فأكره على ذلك بحبس أو ضرب لم يحل له، المراد) من هذا الضرب

الضرب الخفيف الذي لا يخاف منه تلف النفس أو تلف العضو، لأنه ذكر في المبسوط (١) ولو أوعد بضرب سوط أو سوطين لم يسعه تناول ذلك؛ لأنه لا يخاف على نفسه ولا على عضو من أعضائه [بما] (٢) هدده به إنما يغمه ذلك أو يؤلمه ألما يسيرا والإلجاء لا يتحقق به.

وكذلك كل ضرب لا يخاف منه تلف أو ذهاب عضو في أكثر الرأي، لأن غالب الرأي يقام مقام الحقيقة فيما لا طريق إلى معرفته حقيقة، وقد وقت بعضهم في ذلك أدنى الحد أربعين سوطا وأن يهدد بأقل منها لم يسعه الإقدام على ذلك؛ لأن ما دون ذلك مشروع بطريق التعزير (٣)، والتعزير يقام على وجه يكون زاجرا لا متلفا ولكنا نقول نصب المقادير بالرأي لا يكون ولا نص في التقدير هاهنا، وأحوال الناس تختلف في احتمال بدنهم للضرب فلا طريق سوى رجوع المكره إلى غالب رأيه فإن وقع


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٤٨ - ٤٩).
(٢) في (أ) لما وفي (ب) بما وهو الصحيح كما في المبسوط.
(٣) التعزير: لغة: التوقير والتعظيم. وهو أيضا التأديب ومنه التعزيز الذي هو الضرب دون الحد.
انظر: مختار الصحاح للرازي (١/ ٢٠٧).
وفي الاصطلاح: هو عقوبة غير مقدرة شرعا، تجب حقا الله، أو لآدمي، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالبا.
انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ٣٦).