للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا تأويل الخلود على معنى أنه لو عامله بعدله، أو على معنى تطويل المدة مجازاً يقال: خلد فلان في السجن إذا طالت المدة كذا في المبسوط والأسرار (١).

(وَشِبْهُ العَمْدِ (٢) سُمِّيَ به، فإن في هذا القتل (٣) مَعنَيَيْنِ: معنى العمد باعتبار قصد الفاعل إلى القرب (٤)، ومعنى الخطأ باعتبار انعدام قصد القتل، وبالنظر إلى الآلة التي استعملها هي آلة الضرب للتأديب دون القتل والعاقل إنما يقصد إلى كل فعل بآلته فكان ذلك خطأ يشبه العمد صورة من حيث إنه كان قاصدًا إلى الضرب وإلى ارتكاب ما هو محرم عليه كذا في المبسوط (٥).

[[تفسير القتل شبه العمد]]

(وَشِبْهُ العَمْدِ: أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِباً (٦) هذا التفسير عندهما (٧) خاصة، وأما (عِنْدَ أَبِي حَنِيْفَةَ (٨) -رحمه الله- فشبه العمد (أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ (٩) والتأديب (١٠) دون الإتلاف سواء كان الإتلاف منه غالباً كمِدَقَّة القَصَّارين (١١) والحجر الكبير والعصا الكبيرة أو لم يكن الهلاك منه غالباً كالعصا الصغيرة (١٢).

فإذا قتله به فهو شبه عمد سواء كان والى في الضربات أو لم يوالِ وعندهما إن تعمد الضَّرب بما كان الغالب منه الهلاك فهو عمد محض يجب القصاص.


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٨٥، ٨٦).
(٢) بداية المبتدي (٢٣٩).
(٣) وفي (ب) (الفعل).
(٤) وفي (ب) (الضرب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.
(٥) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٦/ ٦٤، ٦٥).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٥٩).
(٧) أي: عند أبي يوسف ومحمد.
(٨) بداية المبتدي (٢٣٩).
(٩) بداية المبتدي (٢٣٩).
(١٠) وفي (ب) (وللتأديب).
(١١) مدقة القصار: فيها عدة لغات: مِدَق ومِدَقة بكسر الميم وفتح الدال، ومُدُق ومُدُقة بضم الميم والدال، وهي: القطعة من الخشب التي يدق بها الثياب بعد الغسل، وحِرفته: القِصَارة.
يُنْظَر: جمهرة اللغة (١/ ٤٩٥)، تهذيب اللغة (٣/ ٢٦)، المحيط في اللغة (٢/ ٨٦)، المحكم والمحيط الأعظم (٦/ ١٩٨)، تاج العروس (٣١/ ٦٣).
(١٢) قال الامام القَدورِي: وشبه العمد عند أبي حنيفة: أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح، ولا ما أجري مجرى السلاح. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا ضربه بحجر عظيم، أو خشبة عظيمة: فهو عمد، وشبه العمد: أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا. مختصر القدوري (٢٨١).