للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الجواب عمَّا تمسك به من الآية فنقول: المراد من قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} (١) [الخطأ] (٢) هو ضد القصد؛ لأنه عطف عليه العمد، ولا يعطف الشيء على نفسه ولأنَّ الله تعالى استثنى ذلك من الحظر، وضد الصواب لا يكون مستثنى من المحظور حتى يكون مباحاً بل هو المحظور بعينه، وإنما المستثنى ضد الصواب المطلوب بتحريه واجتهاده بأن قصد صيدًا فأصاب مسلما حتى يكون مباحاً له فعله فلا يأثم وإن ضمن (٣).

وأمَّا الجواب عن الحديث فنقول: المشهور من حديث واثلة [بن] (٤) [الأسقع] (٥) «أتينا رسول الله -عليه السلام- بصاحب لنا قد استوجب النَّار» (٦) من غير ذكر القتل فيحتمل أن ذلك بسبب آخر غير القتل.

وَلَئِن صحَّ قوله بالقتل فهو محمول على القتل بالحجر والعصا الكبير ثم مراد رسول الله -عليه السلام- التطوع بالإعتاق عنه.

ألا ترى أنه خاطب به غير القاتل والكفارة لا تجب على غير القاتل (٧).

هذه أجوبة (٨) وأمَّا الحجة لنا في ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (٩) فهذا يقتضي أن المذكور في الآية جميع جزائه، ولو أوجبنا عليه الكفارة كان المذكور بعض جزائه فيكون نسخًا لذلك الحكم؛ لأنَّ (١٠) المعلق بالشرط يكون كل جزائه وبالزيادة يصير (١١) بعضاً.

ولا وجه لحمل الآية على المستحل؛ لأن المذكور في الآية جزاء قتل العمد، وإذا حمل على المستحل كان المذكور جزاء الردة (١٢)؛ ولأنَّ زيادة الاستحلال زيادة على الشرط المنصوص فيكون نسخًا.


(١) سورة النساء من الآية (٩٢).
(٢) زيادة في (ب).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (٢٧/ ٨٥).
(٤) سقط في (ب).
(٥) سقط في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).
(٦) سبق تخريجه (ص ٢١١).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٨٦).
(٨) وفي (ب) (أجوه).
(٩) سورة النساء من الآية (٩٣).
(١٠) وفي (ب) (إلا أن).
(١١) وفي (ب) (يكون).
(١٢) الردة لغةً: مأخوذة من الرد، والرد مصدر ردَّ الشيء، من الارتداد؛ وهو الرجوع عن الشيء مطلقاً، والمرتد؛ هو من رد نفسه إلى الكفر. يُنْظَر: جمهرة اللغة (١/ ١١٠)، المحكم والمحيط الأعظم (٩/ ٢٦٧)، لسان العرب (٣/ ١٧٣)، التعاريف (٣٦١)، الكليات (٤٧٧). واصطلاحاً: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر. يُنْظَر: بدائع الصنائع (٧/ ١٧٨)، المغني؛ لابن قدامة (٩/ ١٦)، أنيس الفقهاء (١٨٧)، مجمع الأنهر (٢/ ٤٨٧)، الدر المختار (٤/ ٢٢١).