للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام التُّمُرْتَاشِي -رحمه الله-: قالَ أبو حنيفة -رحمه الله-: فيِ كُلِّ ما تنبتُ الأرضُ، ويبتغي به النَّماءُ قليلًا كانَ أو كثيرًا، رَطْبًا كان أو يابسًا يبقى مِن سَنة إلى سنةٍ، أو يبقى بوَسقٍ أو لا، ففيه الْعُشْرِ إنْ سُقِى سَيحًا، وِنصف الْعُشْرِ إنْ سُقِى بغربٍ (١) أو دالية (٢).

[[شروط وجوب الزكاة في الثمار]]

(وقالا: لا يجب إِلاَّ فيما له ثمرةٌ باقية إذا بلغ خمسة أوسقٍ) (٣) (٤) هذه القيودُ ثلاثةٌ قيَّدَ بالثمرةِ احترازًا عن غير الثمرةِ، والثمرةُ اسمٌ لشيءٍ منِ أصلٍ، وقُيّدَ بالباقيةِ احترازًا عن غيرِ الباقيةِ؛ وجدةُ البقاءِ أنْ يبقى سنةً في الغالب من غيرِ معالجة كثيرةٍ، فلذلك يجبُ الْعُشْرِ في الحنطةِ، والشعير، والذّرةِ، وغيرها مِن الحبوب؛ لأنها ثمرة باقية؛ لأنها تبقى سنةٌ مِن غيرِ معالجةٍ، ولا يجبُ في الخوخِ، والتفاحِ، والَسفَرْجَل (٥)؛ لأنها لا تبقى سنةً إِلاَّ بمعالجةٍ كثيرةٍ، ولاِ يجبُ الْعُشْرِ في الوَسمْةِ، وِإنْ كانتَ مما يبقى؛ لأَنَّ اسمَ الثمرِ لا يُطلَقُ عليها، ويجب في الزعفرانِ، والورسِ، والعُصفُرِ (٦)؛ لأن اسَمُ الثمرِ ينطلق عليها، ويبقى سنةً، وكذلك يجبُ في الثمرِ، والزبيب؛ لأَنه ثمرةٌ باقيةٌ مِن غيرِ زيادةِ معالجةٍ، كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٧).

[[مقدار النصاب]]

(والوسقُ ستونَ صاعًا (٨) بصاعِ رسول الله) (٩) -عليه الصلاة والسلام-، فخمسةُ أَوْسُقٍ ألف ومائتا مُنّ؛ لأن كُلَّ صاعٍ أربعةُ أُمناءِ وقالَ شمس الأئمةِ الحلواني -رحمه الله- (١٠): هذا قولُ أهلِ الكوفةِ، وقالَ أهلُ البصرةِ: الوَسقُ ثلاثمائة مُنٍّ (١١) (١٢)، كذا في "المَبْسُوط" (١٣)، و"الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة "، الخضرواتُ: بفتحِ الخاءِ غيرُ الفواكه، التفاحِ، والكُمَثْرَى، وغيرِهما، أو البقولُ كالكراثِ، والكُرّفُسِ، وقد يُقَامُ مقامهما الخضرُ جمعُ خَضْرةٍ، وهي في الأصلِ لونُ الأخضرِ، فسُمِيَ به، كذا في "المُغْرِب" (١٤).


(١) الغَرْب: الدلو العظيم. يُنْظَر: المصباح المنير (١٦٩)، لسان العرب (١/ ٦٤٢).
(٢) الدَّالية: دلو ونحوها وخشب يصنع كهيئة الصليب، ويشدّ برأس الدلو، ثُمَّ يؤخذ حبل يربط طرفه بذلك وطرفه بجذع قائم على رأس البئر، ويسقى بها، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، والجمع الدَّوَالِي.
يُنْظَر: المصباح المنير (١/ ١٩٩)، المخصص لابن سيده (٢/ ٤٦٣).
(٣) يُنْظَر بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٦).
(٤) حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٢٦).
(٥) السَّفَرْجَلُ: ثَمَرٌ قابِضٌ مُقَوٍّ مُدِرُّ مُشَهٍ مُسَكِّنٌ للعَطَشِ وإذا أُكِلَ على الطعامِ أطْلَقَ وأنفعُه ما قُوِّرَ وأُخْرِجَ حَبُّهُ وجُعِلَ مَكانَهُ عَسَلٌ وطُيِّنَ وشُوِيَ. يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ١٣١٢).
(٦) العُصفُر: بالضم نبت يهري اللحم الغليظ، وعصفر ثوبه: صبغه فتعصفر. يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ٥٦٧).
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للشيباني (٢/ ١٤٢).
(٨) الصاع والصواع بالكسر والضم: الذي يكال به وتدور عليه أحكام المسلمين .. وهو أربعة أمداد، كل مد أربع حفنات بكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولاصغيرهما، يُنْظَر: القاموس المحيط (١/ ٩٥٥) تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٥١٨).
(٩) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٦).
(١٠) هو: عبدالعزيز بن أحمد بن نصر بن صالح الحلواني، الملقب شمس الأئمة، من أهل بخارى، إمام أصحاب أبي حَنِيفَةَ بها فى وقته، توفي سنة ثمان أو تسع وأربعين وأربع مائة بكش وحمل إلى بخارى ودفن فيها.
يُنْظَر: لسان الميزان (٤/ ٢٤)، الجواهر المضية (١/ ٣١٨)، الفَوَائِد البهية (ص ٩٥).
(١١) المنُّ: بالفتح والتشديد جمع أمنان، ويقال له المنا، وهو يساوي رطلان، وجمع المنا أمناء، قال ابن سيده: المن كيل، أو ميزان، وهي أداة وزن تساوي رطلين، والرطل = ١٢ أوقية، فهو مكيال سعته رطلان عراقيان، أو أربعون أستارا " = ٣٩، ٨١٥ غراما. يُنْظَر: لسان العرب (١٣/ ٤١٥)، معجم لغة الفقهاء (١/ ٤٦٠).
(١٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٤٢).
(١٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ٤).
(١٤) يُنْظَر: (١/ ٢٥٨).