للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أن الحجر بسبب الدَّين له شرائط (١):

[الإشهاد ليس شرطًا لصحة الحجر]

أحدها: (أن القاضي إذا حَجر عليه بسبب الدَّين يُشْهِد أنه قد حَجَر عليه في ماله، والإشهاد ليس بشرط (٢) لصحة الحجر (٣)، وإنما اُحْتيج إليه؛ لأنه يتعلق بهذا الحجر أحكام، وربما يقع التجاحد فيه، فيحتاج إلى إثباته فيُشْهِد ليقع الأمن عن التجاحد.

[[سبب الحجر الدين]]

والثانية: أنه يُبيِّن سبب الحجر فيقول: حجرت عليه بسبب الدَّين؛ لأن الحجر على قول من يقول بجوازه (٤) تختلف أسبابه، وهو باختلاف سببه (٥) يختلف في نفسه؛ لأن الحجر بسبب السفه يعُمُّ الأموال كلها، والحجر بسبب الدين يختص بالمال الموجود له في الحال، وأما ما يحدث له من المال بالكسب وغيره فلا يؤثِّر الحجر فيه، وينفذ تصرفه فيه.


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٦٣)، بدائع الصنائع (٧/ ١٧٠)، حاشية ابن عابدين (٦/ ١٤٨).
(٢) الشَّرْطُ لغة: إِلزامُ الشَّيْءِ. لسان العرب (٧/ ٣٢٩)، واصطلاحًا: الشَّرْطَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. انظر: المغني في أصول الفقه (١/ ٣٤٥)، البحر المحيط (٤/ ٤٣٧)، شرح مختصر الروضة (١/ ٤٣٥).
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٢٧) حيث قال: (شرط صحة الحجر التشهير).
(٤) قال الكاساني: (فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ- الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَجْرِ ثَلَاثَةٌ مَا لَهَا رَابِعٌ: الْجُنُونُ، وَالصِّبَا، وَالرِّقُّ، وَهُوَ قَوْلُ: زُفَرَ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ-رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى- وَالسَّفَهُ، وَالتَّبْذِيرُ، وَمَطْلُ الْغَنِيِّ، وَرُكُوبُ الدَّيْنِ، وَخَوْفُ ضَيَاعِ الْمَالِ بِالتِّجَارَةِ، وَالتَّلْجِئَةُ.) بدائع الصنائع (٧/ ١٦٩) وقال ابن الهمام: (لَا نَصَّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ هُوَ الْقِيَاسُ.) فتح القدير (٩/ ٢٧٤).
(٥) في (ع) (سنه).