للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله:] (١) هكذا وقع في نسخ «المختصر» (٢) وهذا غلط (٣).

[مواقيت رمي جمرات العقبة وعددها]

لما أن الإفاضة بعد طلوع الشمس فعل أهل الجاهلية؛ فيجب أن يقصد على مخالفة فعلهم، وهو إنما يتحقق إذا كانت الإفاضة قبل طلوع الشمس. هكذا رواه جابر، وابن عمر فقالا: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف بالمشعر الحرام حتى إذا كادت الشمس تطلع دفع إلى منى» (٤)، وأن أهل الجاهلية كانوا لا يدفعون من هذا الموقف حتى تطلع الشمس فإذا طلعت، وصارت كالعمائم على رؤوس الجبال دفعوا، وكانوا يقولون: أَشْرِقْ بثيركَيْمَا نُغِيرُ فخالفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدفع قبل طلوع الشمس، فيجب الأخذ بفعله لما فيه من إظهار مخالفة المشركين كما في الدفع من عرفات، فإنهم يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس على ما ذكرنا في «المبسوط» (٥).


(١) أثبته من (ب).
(٢) أي: مختصر القدوري، وهو كتاب للإمام أبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد القدوري البغدادي (ت ٤٢٨ هـ)، (المطبوع مع التصحيح والترجيح لابن قطلوبغا)، تحقيق: ضياء يونس، ط (١) ١٤٢٤ هـ، دار الكتب العلمية، بيروت. العناية شرح الهداية (٢/ ٤٨٤).
(٣) أقره على هذا شُرّاح الهداية كابن الهمام والكرلاني والبابرتي. انظر: فتح القدير (٢/ ٣٨١)، الكفاية (٢/ ٣٨١)، العناية (٢/ ٣٨١). قلت: ولكن قوام الدين الإتقاني في شرحه للهداية ذكر «أن هذا الغلَط وقع من الكاتب لا مِن القُدوري نفسه، لأن تلميذ القدوري -أبا نصر البغدادي- قد أثبت لفظ القدوري في هذا الموضع في شرحه بقوله: «قال: ثُمَّ يُفيض الإمامُ من مزدلفة قبل طلوع الشمس والناس معه حتى يأتوا منى»، وأثبت القُدوريّ في شرحه لمختصر الكرخي مثل هذا أيضًا فقال:
«ويفيض الإمام قبل طلوع الشمس فيأتي منى»، فعُلم أن ما ذكره صاحب الهداية منقولاً عن «مختصر القدوري» فذاك سهو من الكاتب لا من القدوري، والشيخ القدوري أجلّ منصبًا من أن تزل قدمُه في هذا القدر، وهو بحر زخّار، وغيث مِدرار في الحديث».
انظر: البحر العميق (٣/ ١٦٤٧)، البناية (٥/ ١٢٦).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" باب: [الْإِفَاضَةِ لِلطَّوَافِ] (٥/ ٢٣٦) برقم: [٩٦٤٣]، كما ورد هذا الحديث بنص آخر في حديث السراج عن محمد بن إسحاق عن عبدالرحمن بن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: " أفاض الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين صلى الظهر ثُمَّ دفع إلى منى فقام بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم- أيام التشريق الثلاث يرمي الجمار حتى تزول الشمس بسبع حصيات كل جمرة، ويكبر مع كل حصاة تكبيرة، ويقف عند الأولى وعند الوسطى ببطن الوادي فيطيل القيام، وينصرف إذا رمى الكبرى ولا يقف عندها " (٢/ ٢٧٩)، برقم ١١٦٥
(٥) انظر: المبسوط (٤/ ٦٥).